عانت النروج في الأعوام الأخيرة تعاظم التوترات إزاء قضايا الأعراق والهجرة، على رغم ذيوع صيت ميلها الى التسامح والسلم. وفي بلد جائزة نوبل للسلام، يحظى اليمين المتطرف بتأييد الناخبين في صناديق الاقتراع وفي الشوارع. وتعاظم التطرف وثيق الصلة بالقلق من تزايد أعداد المهاجرين في وقت يتعثر اقتصاد البلاد. وحزب التقدم المعادي للمهاجرين هو ثاني أكبر حزب ممثل في البرلمان النروجي، وفاز بصوت من خمسة أصوات في الانتخابات الأخيرة. وفي حملته الانتخابية، ذهب الحزب هذا الى أن المهاجرين هم عبء على دولة الرعاية النروجية السخية، وأنهم يخفقون في الاندماج ويسببون توترات في بلد صغير متجانس ثقافياً ومتماسك. ويرى المعلقون والمحللون أن ثمة أوجه شبه بين الحزب هذا و «الجبهة الوطنية» الفرنسية والحزب الهولندي بيم فورتيوين، على رغم زعم قادة حزب التقدم أنه أكثر ليبرالية من الأحزاب الأوروبية اليمينية. وفي مطلع العام الحالي، لاحظ تقرير صادر عن شرطة قوى الأمن النروجية تعاظم نشاطات اليمين المتطرف، وحذر من احتمال تنامي العنف في أوساط الجماعات المعادية للمسلمين. لكن التقرير هذا خلص الى أن خطر الجماعات الإسلامية المتطرفة هو الراجح الكفة. وتزايد أعداد المهاجرين ساهم في ارتقاء أوسلو الى أكثر الدول الأوروبية توسعاً ونمواً. وارتفع أعداد المهاجرين من 2 في المئة في 1970 الى 11 في المئة. ويبلغ عدد مسلمي النروج 163 ألفاً، أي 3.4 في المئة من السكان. وينفي حزب التقدم رفعه لواء النازية الجديدة. والتهمة هذه ثقيلة في بلد كافح الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية. وسعى سيف جنسن منذ قيادته حزب التقدم في 2006 لتجميل صورة الحزب، ونزع صفة التطرف عنه. وفي وقت تعاظم التوتر، نادراً ما شهدت النروج اضطرابات. وفي العام المنصرم، وقعت حادثة علنية ذكرت بعسيس التوتر. فإثر نشر صحيفة داغبلادت النروجية الصفراء كاريكاتوراً للنبي محمد على صفحتها الأولى، اندلعت سلسلة تظاهرات كبيرة، ونظم سائقو سيارات الأجرة، وشطر راجح منهم مسلمون، إضراباً لم تأذن به النقابة. وثقافة التسامح في المجتمع النروجي هي مرآة مجتمع مسيحي غير متدين. ونسبة النروجيين الذين يرتادون الكنيسة مرة في الأسبوع هي الأدنى في أوروبا، وتبلغ 2 في المئة. وفي دول شمال أوروبا، لم يقف المجتمع موقف المتفرج على بروز اليمين المتطرف. ففي منتصف التسعينات، أنشأ ستيغ لارسون، قصّاص الجرائم، دار نشر معادياً للعنصرية في السويد اثر أعمال عنف شنها نازيون جدد. * صحافية، عن «صانداي تيليغراف» البريطانية، 23/7/2011، إعداد منال نحاس