يصفون كرة القدم بأنها لعبة الفقراء، لكن المعدمين في البرازيل يحنقون على نهائيات كأس العالم التي تُفتتح منافساتها اليوم على أرضهم، لأن الفقر الذي يعانونه يحرمهم من الاستمتاع باللعبة الشعبية الأولى التي طالما برعوا فيها، وغزوا من خلالها كل أصقاع العالم. (للمزيد) ولم تسر الأمور التنظيمية كما يهوى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي لم يستطع أمينه العام جيروم فالكه الصمت، فانتقد قبل أيام أصحاب الأرض بحدة قائلاً: «البرازيل مهتمة بالفوز بلقب المونديال على حساب نجاحها في تنظيم الحدث نفسه». وبعيداً عن الميادين الخضراء، يدور صراع بين الحكومة البرازيلية ومعارضيها، الذين ينتقدون الأموال الضخمة التي صُرفت على التجهيز للحدث الكروي، إذ نفذ المعارضون تظاهرات وإضرابات، كان أبرزها إضراب عمال المترو، الذي تسبب في زحمة سير، امتدت ل209 كيلومترات، وسُجلت أكبر ثالث زحمة في التاريخ. في المقابل، أكدت رئيسة البرازيل ديلما روسيف عبر كلمة بثتها محطات التلفزيون والإذاعة أول من أمس (الثلثاء) أن بلادها مستعدة للتنظيم، وأنها تنتظر الجماهير ب«أذرع مفتوحة»، قبل أن تواصل مخاطبة المعارضين: «بنينا وطورنا المطارات والمرافىء والجسور والطرق وخطوط النقل السريعة، وقمنا بذلك بالدرجة الأولى لأجل البرازيليين. هذه الإنجازات لن تذهب في حقائب السياح بعد المونديال، ستبقى هنا في خدمة جميع البرازيليين». ولم يدب صخب الجماهير كما ينبغي بعد في المدن التي تستضيف مباريات المسابقة، لكن جولة عابرة في ساوباولو لا تشير أبداً إلى أنها ستشهد مونديالاً كروياً يترقبه العالم أجمع، فلا ملامح إعلانية، ولا استعدادات كبيرة. والمشجعون من البلدان الأخرى فضلوا المكوث في أماكن إقامتهم بعد الساعة الثامنة مساء خوفاً من «الحال الأمنية». وفي الملعب الكروي بعيداً عن ميادين السياسة، يقص المنتخب البرازيل شريط افتتاح النسخة ال20 من كأس العالم على ملعب «ارينا كورنثيانز»، ويسعى نجوم «السامبا» إلى خطف اللقب منذ أكثر من عقد بقيادة المدرب فيلبي سكولاري الذي حقق اللقب الخامس للبرازيليين في نسخة 2002، بعد فوزه على نظيره الألماني. وقال سكولاري عن الضغوطات التي يواجهها: «لا شك بأن التطلعات أكبر لأنها كأس العالم الثانية التي تقام في البرازيل، ولأن الفرصة متاحة أمامنا لتحقيق ما فشلنا في تحقيقه في المرة السابقة، لكننا سنواجه منافسين أقوياء في سعينا لإحراز اللقب». وسيواجه البرازيليون خصماً يحلم بتكرار إنجازه في 1998، عندما فاجأ العالم بوصوله إلى الدور نصف النهائي على حساب ألمانيا وإنهائه ال «مونديال» الفرنسي في المركز الثالث. وتدخل كرواتيا المواجهة بقائمة من الغيابات، إذ يغيب عنها ماندزوكيتش بسبب الإيقاف بعد نيله بطاقة حمراء في الملحق أمام آيسلندا، والمدافع يوسيب سيمونيتش بعدما ثبتت محكمة التحكيم الرياضي عقوبة إيقافه 10 مباريات التي فرضها «فيفا» لاحتفاله بالتأهل بعبارات عنصرية، كما يغيب لاعب الوسط نيكو كرانيكار بسبب إصابة في ساقه خلال مباراة فريقه كوينز بارك رينجرز مع دربي في الملحق الفاصل المؤهل إلى الدوري الإنكليزي. ويبدو أن مدرب كرواتيا ولاعب الوسط السابق نيكو كوفاتش يعوّل على الضغوط التي يعانيها خصمه، إذ يقول: «البرازيل ستحصل على كل الدعم داخل أرض الملعب وخارجه من 200 مليون نسمة، لكن في الوقت ذاته ستتحمل الضغط وربما يصب ذلك في مصلحتنا».