يعيش اليمنيون قلقاً شديداً مع اقتراب رمضان واستمرار الاحتجاجات في الشوارع منذ نحو ستة شهور، وسط مخاوف من تضاعف معاناة المستهلكين الفقراء وتوقعات بزيادة أسعار السلع الغذائية الرئيسة إلى معدلات قياسية وربما غير مسبوقة في ظل قدرات شرائية ضئيلة للمواطنين. ويتوقع خبراء في الأسواق اليمنية على مشارف رمضان المبارك وفي ظل شحّ الأمطار وشبه انعدام الديزل من الأسواق، ارتفاعاً نسبياً في أسعار الخضروات والفاكهة وسلع أخرى كالتمور. ورأى نائب رئيس «الغرفة التجارية والصناعية» في أمانة العاصمة محمد صلاح «أن حدّة تردي الأوضاع الاقتصادية في اليمن تتضاعف في صورة لافتة». وأضاف «أن الأزمة تسير منذ ستة أشهر إلى خطورة غير مسبوقة على الوضع الاقتصادي، خصوصاً لذوي الدخل المحدود والأسر الفقيرة، إذ ارتفعت أسعار المتطلبات الحياتية الرئيسة بنسبة 500 في المئة في غضون أشهر قليلة». واعتبر أن الانقطاع الكهربائي المتكرر يؤدي إلى تراجع مستوى الإنتاج في القطاعات الاقتصاديةً. وكان نائب رئيس «غرفة صنعاء» أعلن قبل أيام أن خسائر الاقتصاد اليمني نتيجة الأزمة السياسية القائمة منذ اندلاع الاحتجاجات تقدر بنحو 17 بليون دولار، مشيراً إلى أن عدداً من المصانع والمعامل والورش والمحلات التجارية أغلقت أبوابها وسرّحت عشرات آلاف العمال. وأكد أن اليمن تعيش كارثة اقتصادية نتيجة الأزمة السياسية المتفاقمة، مشيراً إلى أن «الغرفة التجارية والصناعية» شكلت فريق مسح ميداني لحصر المصانع والمنشآت المتضررة بسبب شح الديزل وأزمة الكهرباء، لافتاً إلى قيام القطاع الخاص بوضع آلية لاستيراد النفط سيعلن عنها خلال الأيام القليلة المقبلة. وكان «مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي» في صنعاء حذّر من كارثة غذائية نتيجة انقطاع المشتقات النفطية والكهرباء وارتفاع مخيف في أسعار السلع والخدمات. وأضاف في دراسة ميدانية حول الأوضاع المعيشية أن عشرات آلاف الأسر الفقيرة دخلت مرحلة الجوع. وأوضح أن أسعار بعض المواد الغذائية، كالقمح والدقيق والسكر والألبان، ارتفعت بنسب تراوح ما بين 40 و60 في المئة، فيما ارتفعت أسعار مياه الشرب المعبأة بنسبة 202 في المئة وأكلاف النقل بنسبة 60 في المئة. وأوضح ان أسعار المشتقات النفطية، كالبنزين والديزل، وصلت إلى مستويات قياسية مسجلةً ارتفاعاً بلغ 900 في المئة، متجاوزة الأسعار العالمية بكثير، الأمر الذي أدى إلى زيادة في أسعار جميع السلع والخدمات. وأفاد الخبير الاقتصادي أحمد سعيد شماخ بأن الخسائر المالية أسفرت عن توقف الاستثمارات المحلية والأجنبية، كما تأثرت المالية العامة للدولة بارتفاع الدين العام المحلي إلى 900 بليون ريال يمني (4.2 بليون دولار)، ما يحتم الحصول على مزيد من الهبات والمساعدات العاجلة من مختلف المؤسسات والمنظمات والدول. ولاحظ أن كل هذه المؤشرات والعوائق أثرت في شكل مباشر وغير مباشر في التصنيف الائتماني لليمن. وأوضح أن من أبرز مؤشرات الأزمة اليمنية خلال الربع الثاني من السنة تدهور قيمة الريال وزيادة أسعار الفائدة، وحصول شلل تام في كثير من النشاطات الاقتصادية، خصوصاً الصناعة والسياحة والخدمات والمصارف. وقُدرت الخسائر في القطاع السياحي نتيجة الأزمة السياسية التي يعيشها اليمن منذ شباط (فبراير) الماضي بنحو 550 مليون دولار. وأشار وكيل وزارة السياحة اليمنية لقطاع التنمية السياحية، عمر بلغيث، إلى أن عائدات القطاع السياحي بلغت العام الماضي بليون دولار، وكان يُتوقع أن ترتفع هذه السنة بنسبة خمسة في المئة مقارنة بعائدات العام الماضي. وتابع أن السياحة الداخلية توقّفت، وأُلغيت مهرجانات الصيف التي كانت تُقام سنوياً، مثل مهرجان «صيف صنعاء» وإب وحضرموت وغيرها. وفي قطاع الطيران، قال المدير العام للرقابة والتفتيش في شركة «الخطوط الجوية اليمنية» محمد حجيرة إن الخسائر الأولية للدمار الذي لحق بمبنى الشركة الرئيس في الحصبة نتيجة لاشتباكات الشهر الماضي تجاوزت 57 مليون دولار. وأضاف أن لجنة تقوّم الأضرار التي لحقت بمبنى الشركة وتجهيزاتها التقنية المختلفة. وناقش مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه الأسبوعي برئاسة وزير الإعلام حسن أحمد اللوزي، الإجراءات التنفيذية المتخذة لتأمين المشتقات النفطية بكميات كافية في أمانة العاصمة وعموم المحافظات. واطلعت الحكومة على تقرير أعدته لجنة مكلفة برئاسة وزير المال نعمان الصهيبي، تضمّن الجهود المبذولة لتوفير المشتقات النفطية بالتنسيق والتعاون بين الوزارات والجهات ذات العلاقة، مشيراً إلى أن كميات كبيرة من المشتقات النفطية تصل تباعاً إلى الموانئ اليمنية وستُوزَّع في الأسواق قريباً. واستعرض تقرير وزير الصناعة والتجارة في شأن الأوضاع التموينية للمواد الغذائية الأساسية والجهود المبذولة لضمان الاحتياجات الأساسية للمواطنين في رمضان.