بدأ بعض التلفزيونات في لبنان يبشّر جمهور مشاهديه، بأنه سيقدم في الموسم الرمضاني الذي أصبح على الأبواب، دراما لبنانية منها مسلسل «باب ادريس» للكاتبة كلوديا مرشليان وإخراج سمير حبشي وإنتاج مروان حداد. وخلال الفترة الحالية حكي كثيراً عن المسلسل الذي يعود بالزمن الى أربعينات القرن العشرين، بصفته أول عمل لبناني يحضر لكي يدرج على خريطة شهر رمضان المبارك، حتى أن منتج المسلسل لم يتردد حين استضافته محطة «أل بي سي» التي ستعرض المسلسل، في القول إنه بفضل هذا المسلسل «أصبح لدينا دراما لبنانية». ولئلا نستبق عرض المسلسل الذي عرضت «أل بي سي» في سياق مقابلتها المنتج لقطات منه، بنقده أو الثناء عليه، فإن في كلام حداد ظلماً لتاريخ الدراما اللبنانية وما قدّمه السابقون على مدى 6 عقود خلت، خصوصاً أن تلفزيون لبنان، كان أول تلفزيون في المنطقة وكان الرحم التي ولد منها كل الأعمال والبرامج والممثلين والمخرجين. وفي هذا الكلام أيضاً نسف لتجربة شريكيه في التأليف والاخراج، أي مرشليان وحبشي اللذين قدّما حتى الأمس القريب عدداً من المسلسلات التي لقيت نجاحاً مثل «لونا» و «سارة» وكذلك «مجنون ليلى» الذي عرض على شاشة «المستقبل» في رمضان قبل عامين. ربما اندفع منتج المسلسل من شدة إعجابه به، الى ان يصدر منه هذا الكلام كزلة لسانة او هي رسالة الى منافسيه في مجال الانتاج. لكن هذا او ذاك من الأسباب لا يجيز لأحد أن يبخس الناس أشياءهم، حتى ان اراد ان يسوّق لعمله الذي لا يمكن أحداً أن يعرف كيف يكون وقعه على الناس، خصوصاً أن أول ما تبادر إلى أذهان كثيرين من اسمه (باب ادريس) ومن المشاهد الأولى التي تظهر جنود الانتداب في الأحياء التراثية، أمر واحد هو أنه مشغول على طريقة المسلسلات السورية وأشهرها «باب الحارة» الذي حقق نجاحاً منذ سنوات وراح الجميع ينسج على منواله. لكن هذا التشابه في الشكل والتسمية والحقبة الزمنية، قد لا يكون نسخة طبق الأصل عن المسلسلات السورية، وان كان الزمن الذي تجري الاحداث فيه واحداً بالنسبة الى البلدين، أي زمن الانتداب الذي فصلهما بعضهما عن بعض عندما قسّم المنطقة إلى دول بعدما أزاح السلطنة العثمانية عنها. على أي حال ما على المرء إلا انتظار حلول الشهر الكريم ليبدأ عرض الأعمال اللبنانية لهذا الموسم ويرى ان كان فيها ما يساهم في تعزيز تاريخ هذه الدراما ويعيدها إلى خريطة المواسم الدرامية الرمضانية، فتتبوأ مكانة تليق بها وتفتح آفاقاً أمام كل اللبنانيين العاملين في هذا المجال فتزدهر تجارتهم ويتركون بصمات تحكي عنها الأجيال.