حذر زعماء عشائريون من محافظة معان، من اندلاع موجة عنف جديدة، معتبرين أن أجواء التوتر بين الشرطة والشبان القبليين لا تزال تسيطر على المناطق الصحراوية، محذرين من انتقال العنف إلى باقي المدن والمحافظات. واندلعت الاضطرابات في معان قبل أكثر من شهر، بسبب قتل قصي الإمامي، خلال حملة على قطاع الطرق وتجار المخدرات في المنطقة التي تسكنها عشائر، والمعروفة بتحديها سلطة الدولة، وحيث ينشط سلفيون جهاديون. وجاء التحذير الجديد للزعماء خلال مؤتمر صحافي عقدوه صباحاً في أحد مقار النقابات المهنية غرب عمان، معتبرين أن الحكومة «لم توفر شروط النجاح للحوار العام حول تلمس أوضاع المدينة وأهلها، وما تعانيه من اضطراب أمني، وتدني مستوى المعيشة، عوضاً من الحرمان والتهميش والشعور بالظلم، بسبب غياب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص». وقال رئيس بلدية معان ماجد الشراري، إن «هناك سياسة رسمية ممنهجة يتم تطبيقها على المدينة منذ أحداث هبة نيسان عام 1989، لإخضاع السكان». وشهدت معان في العام المذكور احتجاجات عارمة، أدت إلى عودة الحياة السياسية والديموقراطية في البلاد. وأضاف الشراري: «لا يوجد أي حوار بيننا وبين أجهزة الدولة منذ الأحداث الأخيرة (...) الاحتقان موجود في الشارع حتى الآن، ونتوقع موجة جديدة من العنف ربما تنتقل إلى باقي المدن والمحافظات». ومضى يقول: «الأجهزة الأمنية قتلت العام الماضي فقط نحو 8 من أبناء معان بحجة انهم مطلوبون.. هناك جثة مواطن قتل خلال الأحداث الأخيرة لا زالت موجودة في ثلاجات الموتى نرفض تسلمها». وقال القيادي ياسر كريشان إن «الشعور بالظلم وغياب العدالة وتكافؤ الفرص والتوزيع الأمثل للثروة، جميعها أسباب لما تشهده معان من توترات بين الفينة والأخرى». وأضاف أن «معدل الفقر في المحافظة ارتفع العام الماضي إلى 26 %، فيما انخفض متوسط دخل الفرد إلى 110 دنانير (155 دولار)، وزادت جيوب الفقر إلى 6، بعد أن كانت 4 جيوب فقط خلال العامين الماضيين». وفي خصوص قطع الأراضي التي وزعتها الحكومة قبل أشهر على بعض سكان المدينة، أوضح كريشان أن القطع المذكورة «تبعد قرابة 125 كيلومتراً عن معان في قلب الصحراء، وأن الدونم الواحد من هذه القطع لا يتجاوز سعره في السوق حالياً 50 ديناراً (70 دولاراً)». وقال الناشط أكرم كريشان خلال المؤتمر إن «سكان معان جزء من الأردن، لكن هناك من يريد إخراج المدينة من خارطة المملكة لغايات وأهداف مشبوهة». وأضاف: «لا يوجد حل سياسي في معان، الحل الذي تستخدمه الحكومة اليوم هو الحل الأمني فقط، مما يفاقم الأزمة». وخلال المؤتمر الصحافي جهدت الشخصيات المعانية في التحذير من ربط المدينة ب «الإرهاب الدولي»، حيث عرض أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الحسين بمعان محمد صالح جرار عدداً من الوقائع التي قال إنها تؤكد وجود ما سماه «استثمار» الدولة الأردنية في إظهار المدينة على أنها مدينة «إرهابية وخارجة عن القانون» لتخويف الداخل من جهة، ولاستثمار الأمر مع جيران الأردن وعلى المستوى الدولي من جهة أخرى. في المقابل، رفضت الحكومة الأردنية هذه الاتهامات، حيث نقلت صحيفة الغد عن مسؤول حكومي لم تورد اسمه أن مدينة معان «تواجه أزمة اقتصادية اجتماعية وأمنية، لكن الحل يبدأ أولاً أمنياً ومن توفير الأمن والاستقرار بالمدينة، ومن ثم تأتي الحلول الاقتصادية والاجتماعية تباعاً». ورفض المصدر الحكومي اتهامات الوجهاء والنشطاء للأجهزة الأمنية باتباع «سياسة القتل الميداني» مع المطلوبين، وأكد أن هذه الاتهامات «عارية من الصحة». وقال: «المجال متاح لجميع المطلوبين لتسليم أنفسهم»، نافياً «تعرض أي مطلوب بالمملكة للتعذيب أو الإساءة أثناء التحقيق». وفي خصوص الأشخاص الذين قتلوا في معان، أكد المسؤول الحكومي أن جميع من قتلوا أثناء مواجهات مسلحة مع قوات الأمن «كانوا يطلقون النار على القوة الأمنية، وبالتالي فإن القانون كفل للقوة حق الرد ضمن قواعد الاشتباك».