تتعرض إيران جارة تركيا لعقوبات دولية جراء محاربتها النظام العالمي السياسي. وعلى رغم أننا لم نشهد مشكلات بين البلدين منذ عقود، التنافس السياسي بينهما على قضايا المنطقة قائم. ولكن في ظل حوادث المنطقة، يجوز السؤال، هل تعاظم التنافس بين طهرانوأنقرة في المنطقة الى حد يحمل أنقرة على مجاراة النظام العالمي الذي يضغط على إيران؟ والحق أن المسألة هذه مطروحة على النقاش منذ بلوغ حزب «العدالة والتنمية» الحكم في تركيا قبل تسع سنوات. فالنظام العالمي الذي حاول تضييق الخناق على طهران مستغلاً ملفها النووي ومتهماً اياها بتصنيع اسلحة نووية، واجه رداً عنيفاً من تركيا ورفضت هذه التعاون معه. فامتنع رئيس الوزراء التركي من التصويت في مجلس الامن على قرار العقوبات على طهران وتحالف مع البرازيل للاقتراع برفض تلك العقوبات ورفض الارادة الدولية التي تحاول الضغط على طهران. ولكن يبدو أن الأمور تتغير على وقع الرد الايراني العنيف على احتمال مشاركة تركيا في مشروع الدرع الصاروخية الاطلسية، وإطاحة ايران حكومة سعد الحريري في لبنان، والدور الايراني المتعاظم في سورية، وتوسع النفوذ الايراني في المنطقة توسعاً عنيفاً لا يقبل المنافسة ويسعى الى الهيمنة والسيطرة الأحادية. والحوادث هذه تحملنا على التساؤل: هل التنافس بين طهرانوأنقرة ممكن بعد سعي ايران الى حسم جميع الملفات لمصلحتها؟ وهل من الممكن ان تستمر هذه المنافسة على سابق عهدها أم انها ستأخذ شكلاً آخر؟ ولا شك في ان تركيا تعرف جيداً ما يطالبها به النظام الدولي، أي الصدوع بأوامر الغرب. وإذا انصاعت تركيا لرغباته وقبلت بلعب دور القيادي السنّي الحامي للسنّة في المنطقة علنياً، كافأ الغرب أنقرة. وشارفت تركيا على بلوغ المكانة هذه في وقت تنامى نفوذها في المنطقة في الاعوام الماضية، وأصبح تجاهل دورها عسيراً. ولكن لا يسع تركيا أن تترك للغرب دفة سفينتها يتحكم فيها كما يشاء. وقد تلتقي مصالح الغرب مع مصالح تركيا، فيسيران في اتجاه واحد. لكن دفة الامور يجب أن تبقى في يد تركيا التي قد تفاجئ النظام العالمي بسياسات غير متوقعة لأسباب داخلية. فثمة ما يقيد يد تركيا في المنطقة، ويقلص هامش حركتها. فعلى سبيل المثل، قتل «حزب العمال الكردستاني» 13 جندياً قبل أيام في جوار ديار بكر. ومن أبرز العوائق أمام تركيا هو القضية الكردية. ففي المنطقة من يريد عرقلة بروز دور تركي فاعل، ويعمل، من طريق آليات خفية، على اعادة تركيا الى مستنقع الارهاب لتقييد يدها وحملها على الانغلاق على نفسها من جديد. * معلّق، عن «ستار» التركية، 18/7/2011، اعداد يوسف الشريف