يضم العدد الجديد من مجلة الآطام، التي يصدرها نادي المدينة الأدبي، محاور عدة مميزة، تضمنت أبحاث ودراسات ومقاربات قدمت في ملتقى العقيق الثقافي في دورته الثالثة لعام 1430ه، وكانت تدور حول «الرحلة» بوصفها فعلاً إنسانياً ونصاً للسفر ومصدراً مهماً من مصادر المعرفة، وتجربة حياتية توثقها النصوص، ويسجل مراحلها وتفاصيلها المدونون. تناول المحور الأول «أدب الرحلات – دراسة في القيم الفنية والمنهج – » بحثاً للدكتورة أمل الخياط التميمي بعنوان: «مفهوم الترحال وأدب الرحلة: التعالق والاختلاف وخصوصية الرحلة إلى المدينةالمنورة» وتناولت فيه مفهوم الرحلة في معناها وفنيات كتابتها، والتماس الشكلي بين مفهوم الترحال وأدب الرحلة والفرق بينهما، ويميز بينهما كمتشابهين في ظاهرهما ومختلفين في بعض الخصائص الجسدية والفكرية والخيالية، ورصد دوافع الرحالة في كتبهم، والخصوصية الدينية لأدب الرحلة النبوية ومفهوم الرحلة المرئي المعاصر للمدينة النبوية. وفي المحور نفسه تناول محمد قاضي «جماليات خطاب الرحلة بقراءة في «ترحال الجزيرة العربية» ل جون لويس بوركهارت، وهو المستشرق السويسري، الذي زار العديد من البلدان العربية وبخاصة مصر والشام، وكان اعتنق الإسلام وتسمى باسم إبراهيم عبد الله بوكهارت، وكان يتكلم العربية بطلاقة وضليعاً في الأعراف والشريعة الإسلامية، إذ أقام بمنطقة الحجاز حوالي السنة، وكتب عن رحلته في فترة استعمارية، وانتقل الباحث في ورقته من النظر في خصائص الرحلة الخطابي إلى التأمل في تلا فيف رسالتها، منتقداً الرحالة الذي كان يتعمد إلى إظهار نفسه بمظهر الضحية في مكان موحش، وتضخيم صورة الذات لديه، ولم يجعلنا نكتشف المدينةالمنورة كما كانت عليه حينها، مورداً أن رحلته كانت في سياق تاريخي استعماري (1814-1815) وكونه جاء مبعوثاً من الجمعية الأفريقية الإنكليزية التي كانت تريد جمع أكبر قدر من المعلومات عن هذه البلاد. أما المحور الثاني فتضمن « ببلوجرافيا وصفية»، وتناول المبحث الأول الدكتور عبد الله الحيدري المدينة في أدب الرحلات بدراسة وصفية وببلوجرافية، من خلال ما دون من مشاهدات من قبل أصحاب الرحلات خلال أسفارهم التي جابوا فيها أقطار العالم. وقدّم الدكتور إبراهيم مضواح الألمعي ما كتبه الشيخ على الطنطاوي في رحلاته عن المدينةالمنورة بخاصة. وتناولت الدكتورة بسمة العروسي المدينةالمنورة في عيون رحالة مغربي بعنوان «ماء الموائد» لعبدالله بن محمد العياشي، التي تعد من الرحلات المتأخرة نسبياً، إذ كانت في القرن الحادي عشر وكانت رحلة حج استمرت سبعة أشهر، وتتحدث عن المدينةالمنورة وطبائع أهلها وأعمالهم وصناعتهم وزراعتهم وعاداتهم وطرق معاملاتهم التجارية واستعرض أسماء علمائهم. وتناول الباحث تنيضيب عواده الفايدي في ورقته معالم المدينةالمنورة وآثارها من خلال كتابات الرحالة ابن جبير والعبدري وابن بطوطة والعياشي وحمد الجاسر، ورحلة أولياء جلبي وابن عبد السلام الناصري والأمير شكيب أرسلان والشيخ علي الطنطاوي، وتطرق إلى مراحل المحمل الشامي والمصري ورحلات بعض المستشرقين إليها. وجاء المحور الرابع عن المدينةالمنورة ومحافظاتها من خلال مشاهدات الرحالة المستشرقين. وتناول هذا المحور عبدالرزاق الحمامي، واستعرض للعديد منهم، وقدم رحلة فيلبي للمدينة المنورة نموذجاً ومشاهداته عن المدينة وطبيعتها وجغرافيتها ومعالمها وآثارها المعمارية. أما الباحث سعد بن سعيد الرفاعي فتناول مدينة ينبع بين رحالتين في القرن 19، وكان المحور الخامس بعنوان «المظاهر الاجتماعية والأوضاع السياسية والاقتصادية في المدينةالمنورة» فضم أبحاثاً عدة منها بحث لعواطف بنت محمد يوسف نواب تناولت فيه وبتوسع المظاهر الاجتماعية بالمدينةالمنورة وأبعاد تطورها إلى نهاية القرن العاشر الهجري. أما عائض الردادي فتناول مجتمع المدينةالمنورة في رحلة العياشي في عام 1662. واختتم العدد بملخص لمشاركة الرحالة الشيخ محمد بن ناصر العبودي في ملتقى العقيق، التي اشتملت على عنصرين أولهما رحلة في المدينة عام 1371ه، والثاني انطلاقه في رحلات من الجامعة الإسلامية إلى 13 قطر أفريقي في شرق أفريقيا ووسطها.