وجدت أن نموذج «الواطي» الذي تحدثت عنه أمس، أو ذلك الذي يعمل ضد مصلحة بلاده والإنسانية كلها، له فائدة، فهو إذا هاجم رجلاً أو جماعة أو مؤسسة، فإنه يثبت أن ضحية هجومه يعمل لغرض نبيل، والهجوم أحياناً ينبهني الى أشخاص لم أكن مطلعاً على عملهم، والى جماعات لم تكن على الرادار الذي أستعمله. من هذه الجماعات «مبادرة شجرة الزيتون»، تلك الشجرة المباركة، فقد قال موقع ليكودي يؤيد الإرهاب الإسرائيلي، إنه تسلل إليها أنصار للإرهاب من حركة التضامن العالمية، وترسل الطلاب الى الضفة وإسرائيل فيقابلون أمثال عزيز دويك من قادة حماس، أو جورج س. رشماوي ومازن ن. رشماوي، وهما من حركة التضامن التي تؤيد علناً «الإرهاب الفلسطيني»، وأيضاً مازن قمصية أحد مؤسسي حركة مقاطعة إسرائيل (BDS أو مقاطعة وسحب استثمارات وعقوبات)، ومعهم جون غينغ مدير أونروا في غزة، الذي اتهم إسرائيل بالمسؤولية عن أزمة إنسانية في القطاع وأيّد أسطول السلام. كيف نستفيد من الكلام السابق؟ هو يعني أن مبادرة غصن الزيتون حركة سلام، وأن رشماوي ورشماوي طالِبا سلام، وأن مازن قمصية مثلهما، والأخير أستاذ جامعي عربي-أميركي عاد الى فلسطين ليعلِّم في جامعة بيرزيت ويقود النشاط السلمي ضد الإرهاب الإسرائيلي. دويك بالتأكيد مناضل من حركة تحرر وطني ضد الإرهاب الإسرائيلي، ونعل أي عضو في حماس أشرف من رقاب أعضاء حكومة إسرائيل وجيشها الإرهابي الذي يقتل النساء والأطفال. هذا الجيش اسمه الرسمي جيش دفاع، ما يذكرنا بتسمية الأشياء بنقيضها، مثل دول المعسكر الاشتراكي الراحل، وكل منها في اسمه الرسمي كلمة «ديموقراطية»، لأنه غير ديموقراطي. والقارئ ربما لاحظ الشطط في مهاجمة مسؤول دولي ذنْبُه أنه يرى الأحداث بأمّ العين ويقول الحقيقة، فنعطيه علامة عالية في المسؤولية والشعور الإنساني. الليكوديون من الوقاحة أن يهاجموا جماعة يهودية هي إر أميم اليهودية، التي تعارض تهويد الأراضي الفلسطينية، وتأخذ وقاحتهم بعداً إضافياً وهم يهاجمون جامعات أميركية احتضنت «أسبوع الابارتهيد الإسرائيلي» الذي استمر شهراً أو نحوه، ثم يستشهدون برابطة مكافحة التشهير باليهود والسفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل اورين ضد منظمي الأسبوع. نفهم من هذا الكلام أن المنظمين دعاة سلام، وأن الرابطة وأورين يمثلان دولة إرهابية ويحاولان التغطية على جرائم إسرائيل ضد الإنسانية كلها، لا الفلسطينيين وحدهم. الليكوديون هاجموا أيضاً وزير خارجية الأردن السابق مروان المعشر، وكريستيان امانبور، لأنها أجرت مقابلة تلفزيونية معه دعا فيها الى التعامل مع الأخوان المسلمين. الإخوان إخواني، ولا أحتاج الى هجوم ليكودي عليهم لأتعامل معهم، ومروان المعشر وطنيّ، لذلك غضبتُ أخيراً أن أراه يكتب مع مادلين أولبرايت مقالاً عن سورية، فهي ليكودية أخرى خرجت من جحرها، وما كان يليق به أن يجمع اسمه مع اسمها. رجل الأعمال والمال العالمي جورج سوروس، وهو يهودي أميركي من أصل هنغاري، يتعرض لحملات لا تتوقف من إسرائيل والمتطرفين من أنصارها، ما يعني انه ناجح جداً في عمله للسلام والتقريب بين الشعوب. وأوقح ما قرأت في الهجوم على هذا الرجل أخيراً، كان انه يمول جزئياً جماعة الأزمة الدولية في مؤسسة كارنيغي، وهذه ارتكبت جريمة المعشر في الدعوة الى التعامل مع الإخوان المسلمين. جماعة الأزمة الدولية تطلب السلام، وأنا أعرف هذا، إلا أن هجوم الليكوديين عليها يحسم الجدل لمصلحتها، وإذا كان لي أن أهاجم شيئاً في مستوى كارنيغي، فهو مؤسسة بروكينغز، التي تضم مركز صابان الذي يموله البليونير المتطرف حاييم صابان، وهو أميركي - إسرائيلي مصري المولد يؤيد الإرهاب الأصلي في الشرق الأوسط، أي إرهاب إسرائيل، ويحاول أن يعلّمنا الديموقراطية عبر مؤسسة بروكينغز المعتدلة الراقية. أقول للقارئ إنه إذا كان عنده شك في عمل رجل أو منظمة، فما عليه إلا أن يرصد موقف لوبي إسرائيل والليكوديين المتطرفين منه أو منها، فالهجوم عليه أو عليها صك براءة نهائي ووسام. [email protected] - عيون وآذان (نموذج «الواطي» موجود في كل بلد)