خلق الله البشرية وجعل فيها أصنافاً عدة، وطباعاً متنوعة، وأرواحاً تتقارب وتتجاذب، وأخرى تتباعد وتتنافر، وكلاً منها يحمل قلوباً ذات سمات معينة تميزها بصفات عن غيرها وتظهر في سلوكياتها. هناك قلوبٌ تهفو إليك غياباً وحضوراً ،وتقدم الغالي والنفيس من أجل إسعادك، وبكل راحة تتقبلك وتفتخر بمعرفتك، ولا تضجر منك لأنها تشعر بالأمان وهي معك، وتلتمس حبك وتبادلك عطاءك، وتسعد لوفائك وتطمح دوماً إلى لقائك، وتفرح لفرحك، وتحزن لحزنك، وتقتبس من أقوالك وأفعالك، وتسعى دوماً لوصالك، وتخشى غيابك وتتألم لفراقك. بينما هناك قلوبٌ لا تأبه إلا لنفسها، ولا يهمُها إلا ذاتها، ولا تعيّر اهتماماً لمن حولها، ولا تتواصل معك إلا لمصلحتها، وتبقى معك للوصول إلى غاياتها، ولا تعترف بأخطائها، وتكثر من زلاتها، وتملي عليك طلباتها، وتثقل كاهلك بهفواتها، وتشغل تفكيرك لإصلاحها، وتبخل بعطائها، وتسعى للتخلص من علاقاتها عند إتمام حاجاتها، وقد تتخذ الانتقام طريقاً لها، وتتقن جرح الآخرين بسلوكياتها، وتزعجك بكثرة سلبياتها، والشكوى هي أبسط حالاتها. وهناك قلوبٌ وسطية، تعرف معنى العلاقة الأبديّة بإخلاص النية، والبعد عن الرياء، وتجزل لك في العطاء، وتصدق بالود والولاء، وتنافس بكل وفاء وتتفادى أصغر الأخطاء، وبغيابك تذكرك بالدعاء، وعند حاجتك تلبي النداء، وتحسن الظن بك غياباً وعند اللقاء، وترسم الابتسامة على وجنتيك بكل نقاء، وتصحبك إلى عالم السعداء. وهناك قلوبٌ سريعة الغضب، تفتقر إلى معنى الأدب، وتكثر من التجبر والصخب، وتجرح الغير بلا سبب، وتتفاخر بالحسب وتبحث عن أهل النسّب، وتكثر عليك بالعتب، وتحرق النفوس كالحطب، وإذا واجهتها قالت العجب، وترى هفواتها بلون الذهب، ولا تكترث حتى لو أدمعت العيون، وتأثر الهدب، وتتقن فن الكلام المؤلم كالضرب، وتسابق لجرحك سرعة الشهب. كثيرةٌ هي القلوب التي تعيش حياتنا، منها ما يسعدنا، وأخرى تؤلمنا، فاختر (أنتَ/ أنتِ) القلب الذي يناسبك، ويريح قلبك، وينّير دربك، ويجلب لك راحتك، ويزيد من سعادتك، وكن على أخلاقٍ عظيمة، تحكم بكل رزينة، وتبتعد عن الحقد والضغينة، أو طرق الرذيلة، وتسعى لنشر المبادئ والحكم الأصيلة، وتنظر للحياة نظرةً جميلة لتحصد بإذن الله دار الكرام العظيمة. [email protected]