وسط انتشار أمني كثيف حول مدن ريف دمشق، وغضب شعبي وحداد عام، شيع حوالى مئة ألف شخص قتلى جمعة «أسرى الحرية» الذين سقطوا برصاص قوات الأمن في حي القابون في دمشق. وأعلنت منظمات حقوقية وناشطون أمس «سبت الحداد». ودعا «اتحاد تنسيقات الثورة السورية» إلى عقد مجالس عزاء ل «شهداء القابون». وتزامن ذلك مع عمليات أمنية واسعة في إدلب والبوكمال حيث تحدث ناشطون عن مقتل شخصين هناك برصاص قوات الأمن. ومع اتفاق المعارضة السورية في مؤتمرها في إسطنبول على وضع «هيكلية تنسيق دائمة للمعارضة»، ظهرت تباينات بين المشاركين تناولت إعلان «حكومة ظل» وإغلاق الطريق أمام الحوار مع السلطات. واعترفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «أنه لا يمكن التأثير في الوضع في سورية من الخارج... وأن ما يجري في سورية غير واضح المعالم». وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إن «الحكومة التي لا تأخذ في الاعتبار مطالب مجتمعها لا تستمر». وقال شهود عيان إن مئة ألف شخص شاركوا في تشييع ضحايا القابون التي سقط فيها 18 قتيلاً. وأوضح نشطاء أن عدد قتلى الجمعة ارتفع إلى 32 مدنياً على الأقل وأنه مرشح للارتفاع لأن الكثير من المصابين جروحهم خطيرة. وقال ناشطون إن مجالس عزاء أقيمت في مناطق عدة من بينها ركن الدين والقابون والقدم ودوما وبرزة. ويخشى السكان بعد أحداث الجمعة أن تبدأ قوات الجيش عمليات خاصة حول العاصمة لحساسية وضعها. وقدر النشطاء أن عدد أفراد الشرطة السرية في شوارع دمشق زاد الى المثلين منذ بدء الاحتجاجات، وقال ناشطون إن هناك انتشاراً أمنياً كثيفاً حول ضواحي دمشق. ووسط مساعي لتوحيد صفوف المعارضة، اجتمع في إسطنبول معارضون سوريون من أجل وضع «هيكلية تنسيق دائمة للمعارضة». وعلى رغم بداية الاجتماع بداية قوية، حيث أكد منظموه أن الاتفاق مسبقاً على أجندته وخطواته بل وحتى على أسماء أعضاء المجلس التأسيسي الذي ينبثق منه، إلا أن الخلاف ما لبث أن دب في صفوف المجتمعين بعدما نبه الدكتور برهان غليون، الذي يحضر للمرة الأولى مؤتمراً من هذا النوع لكن بصفة مراقب، من «مغبة» السعي الى تشكيل مجلس تأسيسي يتحدث باسم جميع المعارضة السورية أو تشكيل «حكومة ظل» تسعى الى اعتراف دولي، مشيراً إلى أن لا أحد يستطيع أن يمثل جميع المعارضة. واقترح تشكيل لجنة تنسيقية عن المشاركين تعمل مع اللجان الأخرى التي انبثقت من مؤتمرات سابقة. وظهر الخلاف واضحاً بين تيارين، الأول سعى الى حسم أي احتمال للحوار مع النظام وقطع الطريق عليه. والثاني رأى أن الوقت مبكر لذلك وأن النظام لا يزال قوياً وأن المعارضة السورية لم تنضج بالمستوى الكافي لكي توحد كلمتها ومشاريعها. وقالت كلينتون، التي تزور تركيا، إنه لا يمكن التأثير في الوضع في سورية من الخارج. وأوضحت في حديث الى قناة «سي أن أن - ترك» الإخبارية التركية «لا أحد منا لديه تأثير حقيقي باستثناء أن نقول ما نعتقده ونشجع على التغيير الذي نأمله». وأضافت أن «ما يجري في سورية غير واضح المعالم، ومثير للحيرة لأن الكثيرين منا كان يحدوهم الأمل بأن ينجز الرئيس الأسد الإصلاحات الضرورية». وأكدت كلينتون لاحقاً أن احتجاجات الجمعة «كانت الأكبر» حتى الآن وأن قمع الأسد للاحتجاجات السلمية «يثير القلق»، مشددة في لقاء مع مجموعة من الشبان الأتراك في مقهى بإسطنبول «يجب أن تتوقف الوحشية». وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي قالت الوزيرة الأميركية إن «مستقبل سورية متروك للشعب السوري لكن جهود المعارضة للعمل معاً لتنظيم وتوضيح جدول أعمال هي جزء مهم من الإصلاح السياسي». وعبرت عن أملها في إمكانية «تحقيق المصالحة» بين شعب وحكومة سورية للعمل سوياً. وقالت: «هذا ما يفعله الشعب السوري فهو يحاول تشكيل معارضة تستطيع أن تقدم مساراً فيما نأمل للتعاون السلمي مع الحكومة من أجل مستقبل أفضل». وكرر داود أوغلو تحذيرات للحكومة السورية لتنفيذ إصلاحات أو مواجهة الإطاحة بها على أيدي قوى ديموقراطية. وأضاف إن «الحكومة التي لا تأخذ في الاعتبار مطالب مجتمعها لا تستمر». وتابع: «قال الأسد انه سيُشكل جماعات متعددة الأحزاب في البرلمان... آمل أن تكون لدى سورية أحزاب معارضة وأن تكون في سورية أحزاب معارضة ترفع صوتها».