الغربان لدينا أصبح لها موازنة مخصصة، فقبل فترة من الوقت رصدت أمانة محافظة جدة موازنة قدرها 5 ملايين ريال من أجل مكافحة والقضاء على ما يقدر بنحو 60 ألف غراب، يقال بحسب الاحصاءات الرسمية بأنها استوطنت «عروس البحر الأحمر»، ولا أعرف بالتحديد كيف تم احصاء عدد هذه الغربان بهذه الصورة الدقيقة، هذه الغربان التي باتت تشنف آذاننا بأعذب الألحان وأجملها! ومن جهة أخرى، وبحسب رأي خبراء الاقتصاد تقدر كلفة مكافحة وقتل الغراب الواحد بنحو 80 ريالاً «يا بلاش»، وهذا ما جعل بعض الباحثين عن العمل والعاطلين في المحافظة يبدون استعدادهم التام للقيام بمهمة مكافحة الغربان في كل أنحاء جدة ومطاردتها في كل مكان، ومن شارع إلى شارع، في مقابل أن يحصلوا على عشرة ريالات فقط للرأس الواحد من الغربان، وبدأ البعض منهم يتدرب على استخدام التصويب «بالنبلة» بكل دقة حتى يحظى بوظيفة مرموقة هي قتل الغربان، ولا أعرف السر الذي لم يجعل المسؤولين في أمانة جدة للخروج بفكرة إنشاء شركة قابضة أو مساهمة لمكافحة الغربان لنسهم فيها عسى ولعل أن نعوض ما فقدناه في سوق الأسهم! المهم أن أمانة جدة اختارت كعادتها شركة لتسند إليها عملية القضاء على الغربان، وكان ذلك منذ أكثر من عام تقريباً، ويا ليت الأمانة لو تكرمت وتلطفت وتعطفت علينا بجلب أكبر خبير في مكافحة الغربان يحمل شهادة مرموقة من أكاديمية «الغربان الدولية»، لكن الملاحظ مع ذلك كله أن أعداد الغربان ازدادت بكثرة في كل انحاء محافظة جدة، وأصبحت أعدادها تقدر بالآلاف المؤلفة بل بالملايين، ما يعني زيادة الكلفة التي قد تصل الى بليون ريال، بحسب التقديرات الأولية! ومضى العام وتكاثرت الغربان وأصبح بين كل غراب وغراب عشرات الغربان التي تشنف آذاننا بأروع وأعذب الألحان الكلاسيكية الحديثة، وكأن لسان حال تلك الغربان يقول نحن قادمون الى عالم الفن بقوة، منطلقون من سماء «عروس البحر الأحمر»! ولا أعلم لماذا توصل المسؤولون في الأمانة لهذه الفكرة الهائلة من أجل القضاء على الغربان! وهل هناك فكرة أخرى لطلب موازنة خاصة بقتل الفئران والقوارض والكلاب الضالة التي تكاثرت بشكل لافت أيضاَ، خصوصاً في شرق جدة، ومن المفارقات العجيبة أنه في ما يبدو بأن هناك اتفاقاً قد يتم إبرامه تحت إشراف «حلف الناتو» وهو اتفاق سلام بين هذه الحيوانات الضالة، فقد شاهدت «بأم عيني وأبيها وخالتها وجدتها» مجموعة من القطط وهي تتناول الطعام جنباً إلى جنب مع بعض الكلاب الضالة والفئران الرائعة في أحد أحياء جدةالشرقية، هذا عدا الناموس والذباب الذي تشن أسرابه غارات جوية عنيفة على منازلنا، انطلاقاً من مجمعات النفايات المتراكمة، فتتصدى له وسائل دفاعنا الجوي المتمثلة في «الفليت»... لكن من دون فائدة! [email protected]