أعرب الرئيس بشار الأسد عن «الارتياح الكبير» للخطوات التي تمت بين تركيا وأرمينيا وعن الرغبة ب «العمل» من اجل دفع هذه العلاقات، مبدياً الاستعداد للعمل على حل مشكلة ناغورني كاراباخ كي لا يتحول الى «مشكلة مزمنة» بين ارمينيا واذربيجان. وفيما قال الاسد ان السوريين من اصل ارمني «مواطنون سوريون بامتياز» اضافوا الى التنوع الثقافي الغني «مزيدا من الغنى»، قال الرئيس سريج سيركسيان ان العلاقات السورية - الارمنية «مثال يحتذى» في العالم. وكان الرئيسان الاسد وسيركسيان يتحدثان في مؤتمر صحافي عقد في ختام جلسة محادثات رسمية جرت في القصر الرئاسي في يريفان بحضور وزير الخارجية السوري وليد المعلم والمستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان تناولت العلاقات الثنائية والاوضاع في منطقتي الشرق الاوسط والقوقاز. وجرت المحادثات بعد مراسم الاستقبال بحسب البروتوكول الارمني، وتضمنت توقيع اتفاقين لحماية الاستثمارات وتشجيعها والتعاون في مجال البيئة، على ان يفتتح الاسد وسيركسيان منتدى اقتصاديا صباح اليوم. وكان سركسيان اعرب عن «السرور» بزيارة الاسد «التاريخية» باعتبارها اول زيارة لرئيس سوري منذ استقلال ارمينيا بداية العقد الماضي. ونوه بدعم سورية الى الشعب الارمني ذلك ان معظمه «وجد الطريق الآمن للوصول عبر سورية الى مناطق اخرى» في العالم، مذكرا بما قاله الرئيس الراحل حافظ الاسد لدى زيارته يريفان قبل ثلاثين سنة من ان «سورية هي الوطن الثاني للارمن». وقال سيركسيان ان احدى ركائز السياسة الخارجية الارمنية تطوير العلاقات مع دول الشرق الاوسط، وان «التعاون» بين دمشق ويريفان نشط في اطار المنظمات الدولية، مع تأكيده ضرورة «تطوير العلاقات الاقتصادية وازالة العقبات الحائلة دون ذلك». واشار الى ان منتدى رجال الاعمال «سيساعد» في تطوير العلاقات مع التأكيد على اهمية التركيز على جانب المواصلات وعلى الافادة من الاتفاقين اللذين وقعا امس لتشجيع الاستثمارات وحمايتها والتعاون في مجال البيئة. من جهته، قال الاسد ان العلاقات بين دمشق ويريفان «لا تقاس بالجانب الرسمي، بل يجب ان تقاس بالجوانب الثقافية والتاريخية والشعبية والعاطفية»، لافتاً الى ان الشعبين «مرا بمراحل تاريخية صعبة في القرون الماضية ادت الى ان تكون هناك نقاط التقاء بينهما، وهذا الالتقاء كان حقيقيا يتجسد بالسوريين من اصل ارمني الذين يعيشون في سورية كمواطنيين سوريين بامتياز. هؤلاء المواطنون جاؤوا الى سورية واندمجوا بعاداتها وثقافتها من دون ان يتخلوا عن وطنهم الآمن وتاريخهم وقضاياهم»، الى ان «خلقوا نموذجا خاصا وفريدا في التمازج بين الثقافات في العالم، بالتالي اضافوا الى التنوع الثقافي والغنى، الموجود اصلا، المزيد من الغنى». واذ اشار الى ان «القاعدة الصلبة» للعلاقات بين البلدين موجودة مسبقا، شدد على ضرورة «الانطلاق بسرعة» بتطوير العلاقات من خلال تكثيف الاتصالات الرسمية. وقال الرئيس الاسد ردا على سؤال: «كنت اقول للرئيس سركسيان، ان من الصعب وصف الشعور بأنك تزور بلدا للمرة الاولى، لكنك تعرف عنه الكثير. هذا الكثير ليس المعلومات التي تقرأها في اي كتاب عن هذا البلد، وانما علاقتك اليومية مع تفاصيل هذا البلد من خلال كونه جزءا من ثقافته التي تعيش باندماج يومي مع ثقافتنا في سورية» على خلفية معايشة المواطنين السوريين من اصل ارمني مع الناس وقضاياهم، ذلك ان كل تفاصيلهم جزء من التراث السوري. من جهته، قال الرئيس سركيسان ان العلاقات بين دمشق وارمينيا دليل الى ان الدول في جميع انحاء العالم يمكن ان تتعايش وتطور علاقاتها حتى لو لم يكن هناك تطابق كامل في سياساتها، وان «الصداقة السورية - الارمنية مثال يحتذى لجميع الشعوب كي تسير على طريق التطور»، لافتاً الى ان توفر الامن والاستقرار الاقليمي يؤدي الى تطوير التعاون والعلاقات، قبل ان ينتقد غياب الاستثمارات المشتركة ويدعو الى تجاوز هذا الامر بتعزيز التعاون.