أقرت فرنسا أمس بأنها «تنقل» رسائل بين حكم العقيد معمر القذافي والثوار الليبيين، لكنها نفت أن تكون طرفاً مباشراً في التفاوض مع طرابلس. وجاء التوضيح الفرنسي بعد زوبعة أثارتها تصريحات أدلى بها سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي، قال فيها إن «المفاوضات الحقيقية» تجري مع فرنسا وليس مع الثوار وإن الفرنسيين أبلغوا مفاوضي الحكومة الليبية أنهم هم من يحرّك المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثّل المعارضة ومقرها بنغازي عاصمة الشرق الليبي. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إن ليس هناك «مفاوضات مباشرة» بين فرنسا والنظام الليبي، لكنه أشار إلى أن باريس تنقل رسائل للنظام من المجلس الوطني الانتقالي وبعض الحلفاء الآخرين. وقال إن هذه الرسائل بسيطة وخالية من أي إبهام ومفادها أن أي حل سياسي يقتضي تخلي معمر القذافي عن الحكم وعدوله عن لعب أي دور سياسي. وكان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه صرّح إلى صحيفة «سود ويست» الفرنسية بأن العمل جار على حل سياسي للأزمة الليبية وأن الأمور تتقدم، مشيراً إلى أن المجلس الوطني يعزز شرعيته وأن تركيا اعترفت به أخيراً، وأن الفكرة القائلة إن على القذافي الرحيل باتت مقبولة من الكل. وقال جوبيه إن غالبية الدول الأفريقية أدركت أن على القذافي التخلي عن الحكم حتى إن لم تكن تقول ذلك علناً، وإن السؤال ليس ما إذا كان ينبغي أن يرحل وإنما متى يرحل وكيف. وتابع متسائلاً: «يبقى في ليبيا نفسها شرط تخليه عن أي نشاط سياسي أم يتوجه إلى الخارج بعد حصوله على ضمانات؟»، مضيفاً أن ليس لديه جواباً على هذا لكن الاتحاد الأفريقي يعمل على ذلك و«وساطته يمكن أن تكون مفيدة ونأمل بأن يشارك الاتحاد في اجتماع مجموعة الاتصال حول ليبيا في إسطنبول» يوم الجمعة المقبل. وكانت وزارة الخارجية الأميركية كررت الأحد أن الولاياتالمتحدة متمسكة بشدة بوجوب تنحي القذافي عن السلطة وذلك بعدما أيد وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه التوصل إلى تسوية بين القذافي والمعارضين الليبيين. وقال لونغيه الأحد إنه يجب على المعارضين عدم انتظار هزيمة القذافي، مع تشديده على أن هدف باريس ما زال هو ضرورة تخلي القذافي عن السلطة في نهاية الأمر. وأضاف لونغيه إلى محطة «بي.إف.إم» التلفزيونية الفرنسية: «طلبنا أن يتحدث كل منهما مع الآخر. موقف المجلس الوطني الانتقالي المعارض بعيد جداً عن المواقف الأخرى. الآن هناك حاجة للجلوس حول الطاولة». وسئل عما إذا كان ممكناً إجراء محادثات إذا لم يتنح القذافي فأجاب: «سيكون في غرفة أخرى في قصره وله لقب مختلف». لكن وزارة الخارجية الأميركية قالت في رد مكتوب على استفسار أوردته «رويترز»: «الشعب الليبي هو الذي سيقرر كيف يحدث هذا الانتقال ... ولكننا متمسكون بشدة باعتقادنا بأن القذافي لا يمكن أن يبقى في السلطة». وقال سيف الإسلام، نجل العقيد معمر القذافي، في مقابلة نشرت أمس في صحيفة «الخبر» الجزائرية، إن إدارة والده تجري محادثات مع الحكومة الفرنسية. وأضاف سيف الإسلام في مقابلة معه في طرابلس أن الحقيقة هي أن إدارة القذافي تجري محادثات مع فرنسا وليس مع المعارضين. وأردف قائلاً أن مبعوث القذافي إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قال إن ساركوزي كان واضحاً جداً وأبلغه أنهم هم الذين انشأوا المجلس الوطني الانتقالي الليبي وأنه من دون دعمهم وأموالهم وأسلحتهم لم يكن هذا المجلس سيتواجد أصلاً. وقال سيف الإسلام في المقابلة وفق ما أوردت «فرانس برس»: «الحقيقة هي أننا نجري المفاوضات الحقيقية مع فرنسا وليس مع الخوارج والمتمردين الذين خرجوا عن ولي الأمر وعلى الملة». وأضاف: «تلقينا من خلال آخر مبعوث التقى به الرئيس الفرنسي رسالة واضحة من باريس. فقد تكلم الرئيس الفرنسي بكل صراحة وقال لمبعوثنا: نحن من صنع هذا المجلس ولولا الدعم الفرنسي والأموال والأسلحة لما كان له وجود». وقال سيف الإسلام إن «نيكولا ساركوزي شدد على أن الكلام يكون معه وليس مع جماعة بنغازي». وأضاف أن «الفرنسيين ابلغونا رسمياً بأنهم يريدون تشكيل حكومة انتقالية في ليبيا وتشكلها فرنسا طبعاً، وساركوزي قال لمبعوث ليبي: أنا لدي قائمة وهؤلاء هم رجال فرنسا». وتحدث سيف الإسلام عن قوات فرنسية خاصة متمركزة في الجبل الغربي قامت بترتيب عملية إنزال أسلحة بالمظلات. وقال «هناك تقارير استخباراتية وصلتنا تقول إن الفرنسيين قد يقومون بإنزال مباشر لقوات فرنسية على الأرض في الجبل الغربي تقاتل إلى جانب المتمردين وتقوم بمهاجمة طرابلس». وأضاف أن الهدف الذي يطمح إليه ساركوزي هو «إنهاء الوضع في ليبيا قبل 14 تموز (يوليو) أي قبل العيد الوطني الفرنسي». وأكد سيف الإسلام أن الجماعات القوية في بنغازي هي الجماعات الإسلامية، موضحاً أن حواراً بدأ معها بوساطة مصرية في القاهرة لكن الفرنسيين منعوا «جماعة بنغازي» من مواصلتها وهددوا بوقف الدعم لهم. وكان المعارض الإسلامي الليبي علي الصلابي صرح الأحد إلى وكالة فرانس برس بأنه يقود وساطة منذ ثلاثة أشهر مع نظام معمر القذافي للتوصل إلى حل للنزاع، وذلك بعلم من الثوار. وقال الشيخ الصلابي المقيم في قطر: «منذ ثلاثة أشهر أقود مفاوضات مع النظام بعلم المجلس الوطني الانتقالي (الإدارة السياسية للثوار) وأخرها كان منذ أسبوعين في القاهرة».