على غرار نشرات الأخبار السياسية، يقدم بعض الفضائيات وخصوصاً المتخصصة في بث الأفلام مثل «روتانا سينما»، و «كايرو سينما» وغيرهما، أخباراً يفترض أنها سينمائية، غير أن متابعتها تكشف عن حقيقة تتمثل في أن هذه النشرات تتحدث عن كل شيء إلا عما ينتمي الى عالم الفن السابع وشؤونه، وقضاياه، وتنحو في اتجاه الثرثرة المجانية؛ البعيدة من كل ما يمت إلى السينما بصلة. فهذه النشرات التي توصف بأنها «نشرات سينمائية»، تلهث وراء الخبر النافل، وتحاول اصطياد «الشائعات الرائجة»، وتمضي نحو الأنباء النافرة والمثيرة، وتتقصى حركات وسكنات فنانين من الدرجة العاشرة، ولكنها لا تقترب من هموم السينما، ولا تخطئ فتورد خبراً سينمائياً جاداً إلا في مرات نادرة، ولا نعلم مثلاً ما علاقة السينما بخبر يقول بأن «إحدى المحاكم المصرية قضت بتغريم الفنانة اللبنانية نيكول سابا مبلغاً مادياً لأنها غنت من دون ترخيص رسمي؟!» ولا نعلم إلى أي مدى يهم المشاهد المعني بالسينما سفر أحد الفنانين، أو زواج فنان آخر، أو إعلان خطوبة أو الاحتفال بعيد ميلاد هذا الفنان أو تلك الفنانة... وسواها من المناسبات التي لا تلامس روح السينما، لا من قريب ولا من بعيد! باستثناء عرض الأفلام، يمكن القول إن الشاشة الصغيرة لا تفي الشاشة الكبرى حقها، فحتى في البرامج الخاصة بالسينما، والتي تظهر على غالبية الفضائيات، تبدو حصة السينما الحقيقية ضئيلة جداً، ذلك أن هذه البرامج، بدورها، تستخف بالسينما، وتكاد تختزل هذا الفن في عدد من «الفلاشات السريعة» حول مهرجان سينمائي عربي أو أجنبي، أو تبث أخباراً عن البدء أو الانتهاء من تصوير فيلم جديد، ولا تنسى، خلال ذلك، انتزاع تصريح خاص، مقتضب من أحد الفنانين كنوع من السبق الصحافي الذي ستتباهى به هذه المحطة أو تلك. وفي مقارنة سريعة بين الإعلام المرئي والصحافة المكتوبة في شأن التعاطي مع السينما، نجد أن الأخيرة أكثر جدية في تناول القضايا السينمائية، وأكثر نجاحاص في إلقاء الضوء على ما يجري في كواليس السينما العالمية، فضلاً عن نشرها مقالات نقدية حول أفلام حازت الجوائز، والتقدير في مهرجانات عالمية... مثل هذا الكلام يعيدنا إلى الرأي القائل إن الإعلام المقروء يتحلى بالرصانة والجدية أكثر من الإعلام المرئي، غير أن التطور التكنولوجي الهائل الذي أصاب تقنيات البث الفضائي يجعل من الرأي السابق، رأياً تقليدياً غير عملي في وقتنا الراهن، ذلك أن التلفزيون إذا ما استغل الإمكانات المتاحة له سيفوق، بالتأكيد، الإعلام المقروء ليس فقط على صعيد السينما بل على الصعد الأخرى أيضاً. لذلك لا بد من القول إن تناول التلفزيون لقضايا السينما على هذا النحو التبسيطي؛ الساذج هو تقصير غير مبرر. على التلفزيون، والحال كذلك، أن يجتهد كي يعانق رحابة السينما وسحرها، لا أن يكتفي بأخبار باهتة، ويقدمها للمشاهد على أنها أخبار سينمائية!