هل تؤيّدين فكرة مجانيّة الإنترنت في قطاع غزة ؟ تهلل وجه اللاجئة السورية شيراز، وأجابت: «هيك بوفّر نت في كل مكان وبحكي أيمتى ما بدي (هكذا أوفّر من رصيدي على الشبكة في كل مكان وأتكلّم متى أريد) «. شاب غزّاوي يتساءل مازحاً: «هوَ في شي مجانّي في غزة (هل من شيء مجاني في غزة)؟»، وجليسه يقول: «غزة بلد المادّة، ما في شي (لا شيء) مجّاني». أمّا صديقهما الذي لا يستخدم الإنترنت، فيجد أنّه لا جدوى من هذه الوسيلة كلياً. في حين يتخوّف أحمد العطاونة من فكرة مجانيّة الإنترنت، مبدياً قلقه: «الإنترنت المجّاني، حوله علامات استفهام كثيرة، ربمّا له أهداف عدة، أولّها الجانب الاستخباري، ومنه يفضّل المدفوع، حذراً من الدخول في متاهات». يذكر إلى أنّ إحدى الشركات العالمية طرحت فكرة توفير إنترنت مجاني لسكان العالم. ويحتاج المشروع إلى إطلاق 4 آلاف قمر اصطناعي تُحلّق على مدارات منخفضة لتستطيع تغطية أكبر قدر ممكن من الكرة الأرضية. ويعتقد هيثم شمالي، تقني اتصالات، أنّ هذه الخطوة في حال تمت تحمل أمرين: جانب استخباراتي وهيمنة معلومات، وجانب اقتصادي لسحب الأموال من شركات أية دولة ومواطنيها لصالح أصحاب المشروع ، لا لدولتهم. «فيش إشي ببلاش غير العمى والطراش (هل هناك ما هو مجاني غير فقدان البصر والسمع؟)»، يُلخص خبير البرمجة العصبية علاء الدين عبيد قيمة فكرة مجانيّة الإنترنت، ويرى أنّ الفكرة برمتها لا ترتبط بالتطور، فهناك بلدان كثيرة تقوم خدمتها على خفض الرسوم وتطوير الخدمات. ويشتكي في الوقت عينه من ارتفاع رسوم الاشتراك بالشبكة العنكبوتية وجودة مواصفات الخدمة، مطالباً بأهمية التطور الموازي لبلدان الجوار، والانتفاع بالتكنولوجيا، خصوصاً في مكان محاصر كقطاع غزة، الذي يعدّ الإنترنت متنفسه الوحيد ومحقق التوازن الثقافي والاجتماعي للناس، إلى درجة يصف عبيد «اختفائه» بالكارثة، على رغم أن كلفته في غزة تعدّ الأغلى في العالم، من دون مبالغة. مؤمن عويضة، أحد المهتمين بمتابعة مستجدات التكنولوجيا ، يرى أنّ الإنترنت هو مكان بكل معنى الكلمة، يلجأ إليه الغزيّون للخروج من عزلة البقعة الجغرافية التي يعيشون فيها. يتلقون من خلاله التعليم والخبرة، ويتواصلون اجتماعياً محلياً ودولياً، ويكسرون الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم. في المقابل، يشير سامي محمود (اسم مستعار) إلى انعدام الخصوصية في خدمة الإنترنت، لأن مزوّد الخدمة جهة خارجية هو الجانب الإسرائيلي، ما يجعل المحتوى خاضعاً لرقابته، وهذا لا يناسب طبيعة المجتمع الغزّي ويعيق تطور تقنيات توفير الخدمة للمواطنين. ويؤيّد المصوّر ياسر مرتجي «نظرية» قائلاً أنّ الاحتلال هو المتحكّم في تزويد القطاع بالتقنيات اللازمة على هذا الصعيد، ما يمكنه من الرصد أمنياً ومعلوماتياً بما يخدم مصالحه. في مجال التوعية الإرشادية، يرى الباحث ماهر المصري، أنّ مجال قطاع الإنترنت لا يوفّر للمواطنين التوعية الضرورية بالخدمة، والتي تمكنهم من الإفادة منها كما يجب في مقابل اشتراكهم الشهري. من جانبه، يفضّل الباحث هيثم أبو عريف توفير ملاعب كبيرة مغطاة بدلاً من مجانيّة الإنترنت، وذلك في ضوء دراسات تؤكد عدم إفادة قطاع غزة من المكتبات المجانية للجامعات العالمية أو مراكز البحوث، واقتصار معظم أنشطة أفراده على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي. ويرى خبراء عالميون وفق استفتاء أجري لمناسبة مرور 25 عاماً على إنشاء الإنترنت، أن الشبكة العنكبوتية ستتفاعل مع الأنشطة الحياتية والتكنولوجية، التي يمكن حملها مثل الساعات الذكية، وغيرها. كما ستصبح شيئاً عادياً في حياة الإنسان، لكن هناك مخاوف محتملة مثل انعدام الخصوصية وقلة كفاءة الخدمة.