باتت التطورات الاجتماعية والسياسية المتبلورة في المنطقة العربية، تركز أنظار العالم في شكل شبه يومي على المنطقة. لكن تغيراً من نوع آخر يجد مجراه منذ فترة بين النساء في منطقة مجلس التعاون الخليجي. ورأى خبراء أن ازدياد مشاركة المرأة على كل مستويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية أصبح أمراً مسلَّماً به على نطاق واسع، وينال قسطاً متزايداً في منطقة الخليج، التي تشهد منذ سنوات تطوراً في دور المرأة، إذ بدأ المراقبون يسمعون عن وزيرات ورئيسات تنفيذيات أعضاء هيئات ناظمة، يقمن بدور محوري في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتجارية في المنطقة، ما أفضى إلى تعاظم ثرواتهن. وقدرت مصادر مصرفية حجم ثروات النساء الخليجيات بأكثر من 350 بليون دولار، ويشمل هذا الرقم السيولة النقدية الخالصة والمجوهرات والأصول الثابتة. ولاحظت مؤسسة «بوز أند كومباني» العالمية، «تحولاً مؤسسياً يجري في مساهمة المرأة في الاقتصاد، خصوصاً في ضوء حصول النساء تدريجاً في منطقة مجلس التعاون الخليجي على الدعم القانوني والاجتماعي والثقافي. وأجرت مقابلات مع عدد من النساء الخليجيات اللواتي يشغلن مناصب عليا في القطاعين العام والخاص، في كل من قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات، لاستكشاف مسار حياتهن المهنية وتوصياتهن لإنشاء مؤسسات من شأنها أن تسمح لمزيد من النساء بتحقيق النجاح. ومن بين النساء اللواتي شاركن في الاستطلاع، وزيرة التجارة الخارجية الإماراتية الشيخة لبنى القاسمي، ورئيسة شركة «أموال» البحرينية الشيخة هنادي آل ثاني، ورئيسة مؤسسة «تيكوم» الإماراتية أمينة الرستماني، ورئيسة «مجموعة الجابر» فاطمة الجابر، فضلاً عن رئيسة مؤسسة الوليد بن طلال السعودية منى أبو سليمان. ولاحظ تقرير لمؤسسة «أدفانتج للاستشارات»، أن السيدات اللواتي شغلن مناصب عليا في القطاعات المتنوعة سواء في الجهات الحكومية أو مؤسسات القطاع الخاص أظهرن أداء استثنائياً، مدللاً على ذلك بنماذج ناجحة، مثل الوزيرتين الكويتيتين نورية الصبيح وزيرة التربية والتعليم العالي، والدكتورة موضى الحمود وزيرة الدولة لشؤون الإسكان والتنمية، ووزيرة الاقتصاد في الإمارات الشيخة لبنى القاسمي، وغيرهن من سيدات الأعمال الخليجيات مثل سعاد الحميضي، ولبنى العليان، والدكتورة ناهد طاهر، ومها الغنيم. وعلى رغم اختلاف خلفياتهن المهنية، تملك النساء اللواتي تخطين القيود في دول مجلس التعاون الخليجي ثلاثة قواسم مشتركة، في رأي مؤسسة «بوز أند كومباني»، أولها أنهن يبدلن باستمرار ما تتوقعه مجتمعاتهن منهن، ويجهدن لتحقيق المزيد على الصعيدين الشخصي والمهني، وذلك أكثر مما يتوقعه كثر. ويبرهن هذا الأمر على وجود رغبة لديهن في تحدي السائد من الأفكار التي تحدهن وتقيدهن أحياناً ضمن مكان العمل أو المنطقة التي يعشن فيها. والأمر الثاني الذي يشتركن فيه النساء الخليجيات، في رأي «بوز أند كومباني»، هو قبول تحديات، في ظل نمو اقتصادات دول الخليج بسرعة لافتة في مجتمع يعتبر صغيراً نسبياً وعدد أقل من الأشخاص المؤهلين لمواكبة هذا التحول. أما القاسم المشترك الثالث بين النساء الخليجيات، هو محاولة دفع المجتمع إلى الإيمان بأفكارهن وقدراتهن في مواجهة التشكيك المتكرر بهن. ولا يزال وجود المرأة في منصب رفيع في شركات كثيرة في دول مجلس التعاون الخليجي نادراً. وأكد معد التقرير والشريك في «بوز أند كومباني» كريم الصباغ، أن «زرع هذه الصفات في نفوس الشابات مهماً، لا سيما في ظل بيئة تتيح لهن إبرازها». واعتبر أن «فرصة تأسيس مشروع صغير، تفتح الباب أمام الشابات المتعلمات الطموحات اللواتي يرغبن في العمل، لكنهن يشعرن بأن ساعات العمل الطويلة المطلوبة لدى التوظف في شركة تتعارض مع مسؤولياتهن العائلية. غير أن المبادرة إلى إقامة مشاريع تحتاج إلى دعم، وإلى إمكان الوصول إلى رؤوس الأموال، والتدرّب على القيادة والإدارة المالية، وفرص لمعرفة ما يدور في اختصاصات الأعمال الأخرى».