كثفت الصين هجماتها على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس في شأن التهديد بفرض رسوم جمركية تقدر ببلايين الدولارات، مؤكدة أن واشنطن تتحمل المسؤولية في تلك الخلافات التجارية، ومكررة أن من المستحيل التفاوض في ظل «الظروف الراهنة». وجاءت تلك التصريحات بعدما توقع ترامب أول من أمس أن تزيل الصين حواجزها التجارية، وعبّر عن تفاؤله بتوصل الجانبين إلى تسوية عبر المحادثات. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية غنغ شوانغ للصحافيين في إفادة صحيفة روتينية: «في ظل الظروف الراهنة، لا يمكن حتى للجانبين أن يجريا محادثات حول تلك المسائل». وأضاف: «الولاياتالمتحدة تلوح مهددة بالعقوبات، وتقول في الوقت ذاته إنها مستعدة لمحادثات، لا أعرف على من تمثل الولاياتالمتحدة هذا المشهد، والخلافات التجارية هي استفزاز كامل من جانبها». وقال نائب وزير التجارة الصيني تشيان كه مينغ خلال «منتدى بواو الآسيوي» في إقليم هاينان جنوب البلد، إن بلده لا يرغب في خوض حرب تجارية لكنه لا يخشاها. وسينصب التركيز هذا الأسبوع على المنتدى، إذ من المقرر أن يتحدث فيه الرئيس شي جينبينغ ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد اليوم. وتهدف الخطوة التي اتخذتها الولاياتالمتحدة الأسبوع الماضي بالتهديد بفرض رسوم جمركية على سلع صينية تقدر قيمتها بنحو 50 بليون دولار، إلى إجبار بكين على معالجة ما تصفه واشنطن بسرقة متأصلة للملكية الفكرية الأميركية ونقل إجباري للتكنولوجيا من شركات أميركية. وتقول الصين بدورها إن واشنطن هي المعتدية وإنها تروج للحماية التجارية عالمياً، على رغم أن شركاء تجاريين للصين شكوا لسنوات من إساءة استغلال بكين لقواعد «منظمة التجارة العالمية» ومن ممارستها سياسات صناعية غير عادلة تُبقي الشركات الأجنبية بعيداً من قطاعات أساس بهدف خلق شركات محلية كبرى. وقال ترامب في تغريدة على موقع «تويتر» أمس، إن «الصين تفرض رسوماً جمركية نسبتها 25 في المئة على السيارات المستوردة من الولاياتالمتحدة، فيما تخضع واردات السيارات من الصين إلى رسوم نسبتها 2.5 في المئة فقط». وأضاف: «هل يبدو ذلك كتجارة حرة أو عادلة. لا... يبدو كتجارة غبية». وقال مستشار البيت الأبيض لشؤون التجارة بيتر نافارو في مقال للرأي نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» أمس: «رد فعل الصين على دفاع ترامب المشروع عن الوطن الأميركي كان جدار الإنكار العظيم (...) على رغم الأدلة الدامغة على سلوك بكين غير المشروع والذي يتسم بالحماية التجارية». وينفي مسؤولون صينيون تلك الاتهامات وردوا خلال ساعات من إعلان ترامب للتهديد الأول باقتراح رسوم جمركية مكافئة. ودفعت الخطوة ترامب للتهديد برسوم جمركية أخرى على بضائع صينية تقدر قيمتها ب100 بليون دولار، ولكن لم تدخل التهديدات الأحدث حيز التنفيذ الفعلي بعد. ونقل بيان أصدره «مجلس الدولة الصيني» عن رئيس الوزراء لي كه تشيانغ قوله إن نشوب حرب تجارية بسبب إجراءات أحادية الجانب لن يضر بالمصالح الثنائية فحسب، بل أيضاً بالمصالح المشتركة في العالم. وقال لي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال اجتماع في بكين أول من أمس إن «المطلوب هو معارضة الأحادية والحماية التجارية في ظل الغموض الذي يكتنف أوضاع الاقتصاد العالمي»، مضيفاً أن تحدي الإجماع بإجراءات أحادية الجانب من شأنه تهديد السلام والاستقرار في العالم. ونقلت وكالة «بلومبرغ» أمس عن مصادر مطلعة قولها إن الصين تبحث الأثر المحتمل للخفض التدريجي لقيمة اليوان كأداة تحرك في الخلاف التجاري، ولكنها أكدت أن التحليلات لا تعني أن المسؤولين سينفذون هذه الخطوة. ولم يسجل اليوان تغيراً يذكر أمام الدولار خلال الشهر الماضي، في وقت زادت حدة النزاع التجاري وارتفع نحو 3 في المئة منذ مطلع السنة. إلى ذلك أعلنت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من بكين أمس، أن تعافي الاقتصاد العالمي يترسخ. وأضافت أن بعض القطاعات في الدول المتقدمة تأثر بالتجارة الحرة، ويجب اتخاذ إجراءات لمعالجة تلك التداعيات.