فاقم سجن الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بعد إدانته بفساد، الاستقطاب في البرازيل قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وكان لولا أذعن لقرار المحكمة، فسلّم نفسه طوعاً للشرطة، ليبدأ تنفيذ حكم بسجنه 12 عاماً وشهراً. وأعلن الرئيس السابق أمام آلاف من أنصاره اليساريين، حاولوا منعه من مغادرة مقرّ نقابة عمال المعادن في ساو برناردو دو كامبو، إحدى ضواحي مدينة ساو باولو، أنه قرر تسليم نفسه للشرطة، فهتفوا «لا تسلّم نفسك»، و «لولا حر!». لكن رمز اليسار في أميركا اللاتينية أعلن أنه «سيمتثل لمذكرة التوقيف»، واستدرك: «لكني مواطن مستاء، ولا أقبل أن يقال إنني لص. أريد مواجهتهم»، في إشارة إلى متهميه بالفساد. واتهم القاضي سيرجيو مورو ب «الكذب»، مؤكداً أنه ضحية تلاعب من «النخب»، لمنعه من الترشح لولاية رئاسية ثالثة، معتبراً أن «همّهم هو أن تكون لديهم صورة لي سجيناً». ووصل لولا الذي كان المرشح الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات، بمروحية عسكرية حطّت فوق سطح مقرّ الشرطة الفيديرالية في كوريتيبا، التي تُعتبر «عاصمة مكافحة الفساد» في البرازيل. واستقبله معارضوه بإطلاق مفرقعات وقرع أواني طبخ، وهتف بعضهم «يحيا سيرجيو مورو»، فيما أطلقت الشرطة غازاً مسيلاً للدموع لتفريقهم. وكان لولا ماسح أحذية، قاد نقابة عمال المعادن في سبعينات القرن العشرين، خلال حكم عسكري ديكتاتوري. ويمكن الرئيس السابق، وهو في السجن، تسجيل ترشحه للانتخابات، على أن تبتّ هيئة القضاء الانتخابي في الأمر. وتشير استطلاعات رأي إلى تقدّمه في نيات التصويت على أقرب منافسيه، مرشح اليمين المتطرف جايير بولسونارو. وتحدّث وليام ليوغراندي، وهو باحث في العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في واشنطن، عن «صدمة كبيرة» شكّلها سجن «رائد اليسار الجديد الذي ازدهر في أميركا اللاتينية». واعتبر باتريسيو نافيا، المستشار الأكاديمي في «مركز الانفتاح والتنمية لأميركا اللاتينية»، أن «لولا مرشح اليسار الإصلاحي غير الثوري، الذي يبدو الآن مهزوماً»، ورأى أن هذا اليسار «احترم لعبةً ديموقراطية انتهت بإيذائه»، واستنتج أنه «سيميل إلى التطرف». أما فرانشيسكو بانيتسا، وهو أستاذ في جامعة «لندن سكول أوف إيكونوميكس»، فاعتبر أن «هذه الفصول تعزّز فكرة أن اليسار الأميركي اللاتيني انتهى في شكل سيء، مع فضائح فساد وقادة في السجن، وأزمة في فنزويلا أو البرازيل». ورأى بيتر حكيم، وهو من «المجموعة الفكرية الأميركية للحوار» (مقرها واشنطن)، أن لولا «لا يزال بطلاً في نظر بعضهم»، مذكّراً بأنه كان أول رئيس للبرازيل من الطبقة العاملة، يطبّق برامج اجتماعية واسعة. وتطرّق إلى تطورات سلبية بالنسبة إلى اليسار في كوباوفنزويلا ونيكاراغوا والأرجنتين والبرازيل، لافتاً إلى أن «وفاة فيدل (كاسترو) والفشل الذريع ل (هوغو) تشافيز و(نيكولاس) مادورو والحكم الفردي ل (دانيال) أورتيغا، والنهايات السيئة لكيرشنر وحزب العمال (حزب لولا)، دفعت باليسار إلى أدنى المستويات، ولا أتصوّر أنه قادر على التعافي» منها.