أعلن ثلاثة من حكماء الأكاديمية السويدية استقالتهم من مناصبهم احتجاجاً على الانقسامات التي بدأت تظهر في المؤسسة المسؤولة عن توزيع جوائز نوبل للآداب منذ انطلاق حركة #أنا_أيضاً التي هزت أركان هذه الهيئة. وتحول مصير هذه الأكاديمية مساء الجمعة إلى ما يشبه قضية دولة، بعد إعلام الملك كارل غوستاف السادس عشر بالمسألة، وإبداء المدير العام لمؤسسة نوبل لارس هايكنستن قلقه من هذا الوضع «الخطير والصعب». وكشفت موجة التسريبات المتصلة بحركة #أنا_أيضاً في تشرين الثاني (نوفمبر) وجود علاقات وطيدة بين الأكاديمية «وشخصية من عالم الثقافة» متهمة بارتكاب جرائم اغتصاب واعتداءات جنسية في حق نساء من أعضاء الأكاديمية أو زوجات أعضاء فيها أو بناتهم أو نساء أخريات. ونشرت صحيفة «داغنز نيهيتر» شهادات 18 امرأة يؤكدن أنهن تعرضن للعنف وللتحرش على يد الفرنسي جان كلود آرنو المتزوج من الشاعرة والكاتبة المسرحية كاتارينا فروستنسن العضو في الأكاديمية، التي أنهت مذّاك علاقتها مع هذا الرجل، وقطعت مساعداتها لدار المعارض والعروض الفنية التي يديرها في استوكهولم وتشكل مقصداً للنخب الثقافية. كذلك فتحت الأكاديمية تحقيقاً داخلياً، واستعانت بخدمات هيئة محامين تعمل في ظل تكتم كامل. وقال بيتر إنغلوند، وهو أحد الأعضاء الثلاثة المستقيلين من الأكاديمية، إن المسألة أثارت انقساماً عميقاً في أوساط الأدب والشعر في هذا البلد الإسكندينافي الذي تحوي محفوظاته أسرار نوبل منذ انطلاقة هذه الجائزة العريقة. وكشف في رسالة بعث بها إلى صحيفة «أفتونبلاديت» السويدية: «مع الوقت، ظهرت بوادر شقاق لا يكف عن التوسع»، مشيراً إلى أن الأمينة الدائمة سارة دانيوس التي خلفته عام 2015، تواجه انتقادات داخلية «غير مبررة». ولفت عضو الأكاديمية السويدية أندرس أولسون، إلى أن الاستقالات تعقب تصويتاً أفضى إلى تجديد الثقة من أكثرية أعضاء الأكاديمية بكاتارينا فروستنسن. وأعلن إنغلوند وكلاس أوسترغرين وكييل اسبمارك قرارهم غداة الاجتماع التقليدي للأكاديمية الخميس في مطعم في استوكهولم. وقال اسبمارك: «ببالغ الحزن، بعد 36 عاماً من العمل في الأكاديمية بينها 17 بصفتي رئيساً للجنة نوبل، أرى نفسي مضطراً لاتخاذ هذا القرار. بما أن أعضاء بارزين في الأكاديمية يضعون الصداقة قبل المسؤولية والنزاهة، فأنا لم أعد قادراً على المشاركة في الأعمال». وندد أوسترغرين بما اعتبره «خيانة لمؤسس الأكاديمية (الملك غوستاف الثالث في 1786) ولحاميها الكبير» المخترع السويدي ألفرد نوبل الذي أورث المؤسسة جزءاً من ثروته. ويتمتع الأكاديميون الثلاثة بعضوية دائمة، وهم غير مخولين الاستقالة لجهة المبدأ. لكن في لقاء مقتضب مع صحيفة «سفنسكا داغبلاديت»، أشارت سارة دانيوس إلى التوجه لإعادة النظر في القواعد بغية السماح بهذه الخطوة. وقالت إن هذه الاستقالات «محزنة جداً، لكني أتفهم وجهة نظرهم»، موضحة أنها فكرت شخصياً بالتنحي من منصبها. ومن بين الحكماء ال18 في الأكاديمية، ثمة خمسة لم يعودوا أعضاء ناشطين بعدما أخذت امرأتان، هما كرستين إيكمان ولوتا لوتاس، إجازة من مهماتهما منذ سنوات عدة. وسبق للأكاديمية أن تعرضت الى وابل من الانتقادات بعد منح الموسيقي الأميركي بوب ديلان جائزة نوبل للآداب. ورأى بيورن فيمان، المسؤول عن الصفحات الثقافية في صحيفة «داغنز نيهيتر»، أن هذه الإعلانات تمثل «كارثة» للأكاديمية «المنكوبة». واعتبرت نظيرته في صحيفة «أفتونبلاديت» أوسا لينربورغ، أن ما يحصل هو بمثابة «انهيار برج بابل». يذكر أن ثلاثة من الحكماء استقالوا عام 1989 بعدما رفضت الأكاديمية إدانة فتوى إيرانية بإهدار دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي، لكن الأكاديمية رفضت استقالاتهم.