طغت نتائج مؤتمر «سيدر» الذي عقد أول من أمس في باريس لدعم عملية النهوض الاقتصادي في لبنان بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على جلسة افتتاح مؤتمر الطاقة الاغترابية الأول لقارة أوروبا والثاني عشر في العالم الذي عقد أمس. وكان اللافت في الجلسة، مقاطعة الوزير علي حسن خليل (حركة أمل) والوزير يوسف فنيانوس (المردة) المؤتمر الذي افتتحه وزير الخارجية جبران باسيل. وقال خليل: «إننا هنا لحدث يهم كل البلد هو مؤتمر سيدر، أما معركتنا الانتخابية فنخوضها في لبنان. وانتخابات المغتربين نديرها بطاقتنا وليس بطاقات الدولة». أما فنيانوس فقال: «إننا ضد المؤتمرات التي تستخدم لنفوذ أشخاص أو تيارات سياسية في الانتخابات كما أننا ضد استغلال المغتربين في المعركة الانتخابية». وشارك في المؤتمر رئيس الحكومة سعد الحريري والوفد الذي رافقه إلى مؤتمر «سيدر» ووزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير في حضور شخصيات ديبلوماسية. وتحدثت معلومات صحافية عن حضور متنوِّع ضم منتمين إلى «التيار الوطني الحر»، «القوات»، «المستقبل» و «حزب الله». وشدد الحريري في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية على «ضرورة التفاف اللبنانيين حول دولتهم والعمل على كل ما يحفظ الوطن من مخاطر». وقال: «علينا أن نغير من طريقة التعاطي السابقة مع المنتشرين اللبنانيين في العالم، وأن نعمل ما في وسعنا لأن يكون التواصل في ما بيننا يرتكز على الشعور الوطني». وشدد على أن «جمع اللبنانيين هو من الأمور المهمة التي يجب أن نقوم بها كحكومة وكدولة». وقال: «صحيح أنني عملت على مؤتمر سيدر لكن لا أنكر أن الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري عملا من أجله أيضاً». وشدد على أنه «لا يمكن لبنان أن يستمر بطريقة العمل الحالية، ومن المستحيل أن نستمر من دون إصلاحات وبقوانين تجارية تعود إلى الخمسينات والستينات من القرن الماضي. ويجب علينا أن نحدّث قوانيننا بما يتلاءم مع متغيرات الزمان، فمثلاً عندنا في الجمهورية اللبنانية لا يوجد في النص القانوني وجود للكمبيوتر فما زلنا نعتمد على الدكتيلو». كما شدد على «وجوب أن نعمل جدياً بعد الانتخابات لتغيير طريقة عملنا أيضاً، وكما قال وزير المال الفرنسي برونو لومير، فإن فرنسا لا يمكنها أن تستمر كما هي عليه، كذلك لا يمكن أن نستمر من دون اتخاذ قرارات شجاعة كما في فرنسا». وقال: «نتكلم عن ضرورة خلق فرص عمل ولكن ماذا نفعل من أجل ذلك؟ على العكس فإننا نستمر في التوظيف في الدولة التي ليست هي الأساس في عملية التوظيف، بل القطاع الخاص. وجميعنا يعلم أن الإصلاح الحقيقي ومحاربة الفساد هو ما يؤمّن فعلا فرص العمل». «لا شيء سيخلفنا» وقال الحريري: «إذا كان هناك فعلاً أزمة اقتصادية خارجة عن سيطرتنا عندها نطالب بعقد مؤتمرات. ما يحصل في لبنان اليوم خير دليل على ذلك». وأَضاف: «صحيح أن هناك مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان ولكن لو كانت هناك إصلاحات من قبل أؤكد لكم أن التأثير أقل بكثير مما هو عليه اليوم». ودعا المنتشرين إلى أن «يبقوا موحدين على رغم أن مشكلتنا في لبنان أننا نفرق في ما بيننا ولا شك في أن الخلافات السياسية في البلد ستستمر». كما دعا المنتشرين إلى «الخروج من الحزبيات والطائفية والمذهبية وكل هذه الأمور لأن كل ذلك لا يطعم خبزاً. وما يحمي لبنان هو أن يبقى هذا البلد أولاً، ويبقى لبنان هدفكم». وقال لهم: «أنتم يمكنكم أن تجبروننا على القيام بالإصلاحات، ويجب أن تحضونا وتهددوننا بالإصلاح، لأنه يجب علينا أن نحسن أداءنا، ولنفعل ذلك يجب أن نشعر بأن هناك من يقف وراءنا وهذه هي طبيعة السياسة بأي حال، دائما نبحث عن إيجاد أصوات من هنا ومن هناك. لذا عليكم أن تشترطوا علينا وتقولوا لنا، إذا أردتم أصواتنا عليكم القيام بالإصلاحات أولاً، وإلا لن نمنحكم أصواتنا، وإذا لم أقم أنا بالإصلاح فلا تصوتوا لي، وأنا جديّ في هذا الكلام». وشدد على «أننا نكمّل مع الرئيس ماكرون مسيرة الأخوة مع فرنسا التي بدأت منذ زمن بعيد واستثمرها الوالد الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك لما فيه مصلحة البلدين». وأكد أن «السبب الأساسي وراء تمكّننا من تحقيق هذه الإنجازات في لبنان وخصوصاً بعد انتخاب الرئيس ميشال عون هو التوافق الحاصل في البلد، فالخلافات السياسية الصغيرة ستستمر ولكننا متوافقون على كل الأمور الأساسية. ولا شيء سيخلفنا، إلا بعض الحساسيات الشخصية أكثر مما هي تتعلق بمصلحة البلد». وأشار أنه «بسبب تعاون كل الأفرقاء في الحكومة تمكنا من إيصال البلد إلى مكان آمن». لومير: عازمون عل دعم لبنان وأكد الوزير لومير: «حشدنا أكثر من 10 بلايين دولار للبنان وسبب نجاح مؤتمر سيدر هو تلاقي عزم الرئيس ماكرون والمشاريع التي حملتها الدولة اللبنانية والرئيس الحريري». وقال: «انطلقنا على أساس الإصلاح والاستثمار ولم نبق في الماضي ولذلك نجح سيدر ومقتنعون أن لبنان يتحوّل». وحيّا «عزيمة الرئيس الحريري على القيام بالإصلاحات». وأكد أن فرنسا «تشعر بالتحديات التي يواجهها اللبنانيون ونحترم ما تتحملونه لذلك نحن عازمون على تقديم الدعم للبنان». وكان باسيل رد على المنزعجين من انعقاد المؤتمر في كلمته الافتتاحية بالقول: «يستكثر البعض علينا حتى أن نلتقي في مؤتمرٍ نموّله نحن من دون أي عبءٍ على خزينة الدولة، ونتخطى بلقائنا أي حزبية أو طائفية أو مناطقية، ونعلو إلى مستوى اللبنانية، رابطة انتمائنا التي هي فوق أي انتماء آخر، يستكثرون علينا الزيارات واللقاءات ونستقلّها، لعلمنا بمدى تقصيرنا تجاهكم، يستكثرون عليكُم (المنتشرين) قانون استعادة الجنسية وحق الاقتراع، يستعظمون أعداد المسجلين ونستقل أعدادهم ونطلب تمديد المهلة للتسجيل فيرفضون». وإذ لفت إلى أن «مؤتمر سيدر أثبت أن لبنان استعاد ثقة العالم به»، قال للمنتشرين: «أزعجهم اليوم أن لا وصاية على الانتشار، فأنتم أحرار بجامعتكم أو تجمعكم ولا وصاية عليكم من وزارة أو مديرية، أزعجهم اليوم أن لا وصاية على صوتكم فأنتم أحرار بالاقتراع في الخارج متحررين من عوامل الداخل وضغوطه. لا يمكن أحداً بعد الآن أن يمنعنا عنكم أو أن يمنعكم عنا». وأضاف: «سنلهث وراء حقوقكم وسنطاردكم حتى آخر نقطة من هذه المعمورة لنربطكم مع وطنكم الأم». ودعا المنتشرين إلى «المشاركة في الانتخابات لأول مرة في تاريخ لبنان، فأصبح حقكم أن تصوتوا. صوتوا لمن تريدون، ولكن صوتوا». وقال: «لمن تسجل في الخارج صوتوا بكثافة في الخارج ولمن لم يتسجل اذهبوا إلى لبنان وصوتوا بكثافة هناك، لأن تصويتكم الكثيف باب لتحصيل المزيد من حقوقكم، وعدم تصويتكم هو وصفة لخسارة ما قد تحقق». وقال: «يستكثرون علينا نواب الانتشار ونستقل أعدادهم، فنطالب بزيادتهم فيؤجلون». وأضاف: «مؤتمرات الطاقة أظهرت أن قوة الانتشار اللبناني لا تخاف بل تخيف، حيث قال أحد الإسرائيليين: «أخاف وشوشة الانتشار اللبناني أكثر مما أخاف قرقعة سلاح جميع الجيوش العربية متحدة»، لأصحاب هذه القوة نقول: لن نقبل بنعتكم بالمغتربين فأنتم لبنانيون منتشرون وأعددت مشروع قانون لتعديل تسمية وزارة الخارجية والمغتربين لتصبح وزارة الخارجية والمنتشرين والتعاون الدولي». وزاد: «أنتم الناخبون غير المقيمين في لبنان لستم بانعزاليين. كيف تختارون برنامج فريق أو مرشح إذا انعزلتم عن أي تواصل معه، والمرشح الذي لا يتواصل معكم بأي وسيلة ويتهم غيره بالتواصل معكم لا يستحق صوتكم. وهو يريد إفشال هذه العملية بالتأثير السلبي عليها بعدما بدأت تعيد لكم حقوقكم وتعيد للبنان توازنه».