يبدو الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على وشك دخول السجن، بعد رفض المحكمة العليا التماساً قدّمه لإرجاء تنفيذ حكم بحبسه، إلى حين استنفاد الطعون به. ويعني قرار المحكمة توقيفاً مرتقباً للولا، ويحمل تداعيات سياسية بارزة، من شأنها إعادة خلط الأوراق في أحد أكثر اقتراعات البرازيل صعوبة منذ عقود. وعلى رغم تصدّر «بطل اليسار» استطلاعات الرأي لانتخابات الرئاسة المرتقبة في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، لم يعد هناك ما يمنع دخوله السجن، ويقول خبراء قانونيون إن الأمر لن يستغرق أكثر من أيام، متوقعين حصوله الثلثاء المقبل. ورأت غليسي هوفمان، رئيسة «حزب العمال» الذي أسّسه لولا في ثمانينات القرن العشرين، أن «قرينة البراءة، وهي حق أساسي، لم يؤخذ بها»، مشيرة إلى «يوم حزين للديموقراطية وللبرازيل». وعلّق الحزب على «تويتر» أن «للشعب البرازيلي الحق في التصويت للولا»، واصفاً إياه ب «مرشح الأمل»، ومؤكداً «الدفاع عن ترشحه في الشوارع وفي كل المحافل، حتى استنفاد كل الوسائل». كما أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أنه «يشعر بألم في الروح أمام هذا الظلم». ونقل التلفزيون البرازيلي مباشرةً مداولات المحكمة العليا التي استمرت 11 ساعة، وانتهت بقرار لم يكن موضع إجماع، إذ صدر بتأييد 6 أصوات في مقابل 5، لكنه شكّل انتصاراً مهماً للادعاء العام، في ملف معروف ب «الغسل السريع»، كشف فضيحة فساد كبرى تطاول ساسة من كل التوجهات. وشدد «الحزب الاشتراكي الديموقراطي البرازيلي» لوسط اليمين على أن «الرئيس السابق ليس فوق القانون»، معتبراً أن «صدور قرار مخالف (لقرار المحكمة) من شأنه إحباط المجتمع، والعودة إلى الوراء في المعركة ضد الإفلات من العقاب». وأثار قائد الجيش البرازيلي الجنرال إدواردو فياش بواش جدلاً، اذ كتب على «تويتر» أن «العسكريين يوافقون البرازيليين الذين يرفضون أي إفلات من العقاب»، ما اعتبرته منظمة العفو الدولية «إساءة كبرى إلى استقلالية السلطات، وخطراً على الدولة الديموقراطية». وكان لولا (72 سنة) طعن بقرار إدانته بفساد، لتلقيه شقة فخمة على الشاطئ من شركة بناء في مقابل امتيازات في مناقصات عامة، في حكمٍ قد يدخله السجن 12 سنة وشهراً، ما يحرمه من الترشح إلى الانتخابات. وينفي الرئيس السابق الاتهامات، مشدداً على عدم وجود أدلة، ومندداً بمؤامرة تستهدف منعه من الترشح للرئاسة، بعد 8 سنوات على خروجه من الحكم، وتمتعه بشعبية قياسية. وتشير استطلاعات رأي إلى أن 35 في المئة من الناخبين يدعمون لولا، في مقابل 17 في المئة لمنافسه السيناتور اليميني جايير بولسونارو. ولا يزال الرئيس السابق يُعتبر «قريباً من الشعب»، لا سيّما في المناطق الفقيرة شمال شرقي البرازيل، حيث مسقط رأسه، في مقابل قسم آخر من الشعب يكرهه، وترحيب كثيرين بقرار المحكمة، اذ شهدت مدن كبرى تظاهرات لعشرات الآلاف، يطالبون بحبسه، عشية انعقاد الجلسة.