من أفلام «مون رايكر» و «عودة سوبرمان» الى مخيمات الأطفال السنوية حول الفضاء، انطبعت صورة المكوك الفضائي في أذهان الأميركيين الذين يستعدون لوداع الرحلة الاخيرة للمكوك «اتلانتيس» غداً الجمعة في فلوريدا مع انطلاق آخر مكوك أميركي وتطلع وكالة «ناسا» الفضائية لاستبداله بخيارات أقل كلفة وأكثر ابتكاراً، مؤكدة في الوقت نفسه على استمرار «الزعامة الأميركية للفضاء». ومن مركز كينيدي الفضائي في ولاية فلوريدا، سيحتشد ما يقارب المليون أميركي لمشاهدة إطلاق «أتلانتيس» في المهمة الاخيرة للرحلات الفضائية الأميركية بالمكوك التي ساهمت طوال ثلاثين عاماً، على رغم كارثتين، في بناء محطة الفضاء الدولية الأساسية في تحديد مستقبل رحلات استكشاف الفضاء المأهولة. وقررت ادارة الرئيس باراك أوباما بالتشاور مع وكالة «ناسا» اغلاق البرنامج بسبب كلفته الاقتصادية التي تجاوزت 200 بليون دولار على مدى العقود الثلاثة الاخيرة. وسيحمل «أتلانتيس» على متنه أربعة أفراد في رحلة تستمر 12 يوماً، رقمها 135 تستهدف تأمين أكبر كم من المؤن لمحطة الفضاء الدولية التي تم تمديد استعمالها السنة الماضية حتى عام 2020 على الأقل. واستخدمت «ناسا» المساحة المتوافرة في مقصورة المكوك، التي يشغلها عادة ثلاثة رواد فضاء، لنقل مزيد من السلع. ومن دون خدمات المكوك ستُحرم الولاياتالمتحدة من وسائل النقل الفضائي المأهول وستعتمد على مركبات «سويوز» الروسية لنقل رواد الفضاء التابعين لها إلى محطة الفضاء الدولية، ما يُكلف نحو 51 مليون دولار للمقعد الواحد، إلى حين تأمين بديل فاعل. ووفق ما اعلنته «ناسا» وصلت كلفة البرنامج الى 208 بلايين دولار، مقابل 151 بليون دولار لبرنامج «أبولو» الذي أتاح للولايات المتحدة الأميركية إرسال الإنسان الأول إلى الفضاء عام 1969. وتراهن الحكومة الأميركية على قدرة القطاع الخاص وشركات عملاقة، مثل «فيرجين أيرلاينز»، على تأمين خدمة نقل رواد الفضاء والشحن إلى محطة الفضاء الدولية بسعر أقل بحلول عام 2015. وأكد رئيس «ناسا» تشارلز بولدن، في خطاب أمام نادي الصحافة الوطني في واشنطن الأسبوع الماضي، أنه مع رحلة المكوك الأخيرة، «سنطوي صفحة من تاريخ الفضاء، لكن الزعامة الأميركية في الفضاء ستستمر». وأضاف: «علينا التركيز على استكشاف الفضاء البعيد في رحلات مأهولة بتطوير تكنولوجيات جديدة وتشجيع المبتكرين وأصحاب المبادرات الفردية على تأمين رحلات على مدار الأرض المنخفض إلى محطة الفضاء الدولية». ومع مساهمة المكوك الفضائي، في بناء محطة الفضاء الدولية، حصر الأميركيون اهتمامهم بالمدار الأرضي على حساب الاستكشاف الفضائي البعيد المأهول. ودخل المكوك الثقافة الشعبية فاستلهم منه فيلم جيمس بوند «مون رايكر» العام 1979 و «عودة سوبرمان» كما شاعت صوره في أفلام «ستار تريك» و «سبايس كاوبويز». غير أن الاخفاقات طبعت مراحل من البرنامج. وإضافة إلى حادثتي «تشالنجر» في عام 1986 و «كولومبيا» عام 2003، عجز (المكوك) عن الوفاء بوعوده بأن يكون مركبة رخيصة الثمن وسهلة الاستعمال، مع أنه سيبقى مطبوعاً في ذاكرة الأميركيين وداخل المتاحف الوطنية.