الزنتان (ليبيا)، مصراتة، طرابلس - أ ف ب، رويترز، أ ب - شن الثوار الليبيون الأربعاء هجمات واسعة في غرب البلاد بهدف الاستيلاء على محاور إستراتيجية والتقدم نحو طرابلس لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي. وحقق الثوار اختراقاً مهماً، باستيلائهم على بلدة القواليش في الجبل الغربي، ما يعني أن الطريق باتت مفتوحة أمامهم للتقدم نحو غريان، البلدة الرئيسية الأخيرة في الجبل الغربي التي تقف أمام وصولهم إلى طرابلس. أما على جبهة مصراتة، شرق العاصمة الليبية، فقد حقق الثوار اختراقاً مهماً مماثلاً تمثّل في تقدمهم مسافة كبيرة غرباً وجنوباً، علماً أنه ما زال عليهم طرد قوات القذافي في زليتن، التي تحتل موقعاً إستراتيجياً على الطريق الساحلية بين مصراتة وطرابلس. وأعلنت الحكومة الليبية أمس، أنها بدأت إجراءات لمحاكمة غيابية بتهمة الخيانة لقادة المجلس الوطني الانتقالي ومقره بنغازي، شرق البلاد. وأعلن قاضي التحقيق خليفة عيسى خليفة، أمام الصحافيين في طرابلس، أن 21 عضواً في المجلس سيحاكمون «في الاسابيع المقبلة» أمام محكمة خاصة. وأضاف: «ملف الاتهام بحق أعضاء ما يسمى المجلس الوطني الانتقالي بات جاهزاً، وأصدرنا 18 تهمة رسمية بحق 21 منهم». ومن بين المتهمين رئيس المجلس مصطفى عبدالجليل و20 عضواً غيره في المجلس، الذي اعترف به نحو 20 بلداً ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الليبي. وسيلاحَق المتهمون بتهم «التعدي على الثورة (ثورة 1969) وقائدها معمر القذافي بهدف زعزعة النظام»، وكذلك «التجسس لمصلحة دول أجنبية (فرنسا، بريطانيا، الولاياتالمتحدة) بهدف مساعدتها في الاعتداء على ليبيا واجتياحها» و «التحريض على التمرد والشقاق وتشجيع السكان على التقاتل». ورفض قاضي التحقيق الليبي تحديد العقوبات، لكنه اكد ان اعضاء المجلس الوطني الانتقالي سيحاكَمون بموجب قانون العقوبات الليبي الذي يعود الى 1954. وستبدأ المحاكمة، كما قال، «في الأسابيع المقبلة» امام محكمة خاصة. وسيتم استدعاء المتهمين الذين يتمتعون «بكل الضمانات للحصول على محاكمة شفافة». وإضافة إلى عبدالجليل، تضم قائمة المتهمين المسؤول الثاني في المجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل ووزير الداخلية السابق عبدالفتاح يونس والسفير الليبي السابق في الأممالمتحدة عبدالرحمن شلقم والمسؤول الإعلامي باسم الثوار محمود شمام. وعلى صعيد الوضع الميداني، أفاد مراسل لوكالة «فرانس برس» أن تبادلاً كثيفاً للقصف المدفعي سُجّل بين الثوار وكتائب القذافي في منطقة القواليش على بعد حوالى 100 كلم من العاصمة. وأضاف أن الثوار استولوا على القواليش وأسروا عدداً من المرتزقة ونقل عن عدد منهم أنهم أتوا من غانا ومالي. أما مراسل وكالة «رويترز»، فقد أفاد أن عشرات من الثوار تدفقوا على القواليش من نقطة تفتيش انسحبت منها القوات الحكومية وأخذوا يطلقون النار في الهواء وهم يكبّرون احتفالاً بالسيطرة عليها. وقال المراسل إن هناك شواهد على انسحاب سريع من جانب قوات القذافي، فإلى جوار نقطة التفتيش كانت هناك خيام منهارة وبقايا طعام إلى جانب شاحنة ومولد للكهرباء اشتعلت فيهما النيران. وأحد أهداف هذا الهجوم هو مدينة غريان، حيث تقع حاميات الجيش الليبي. ويعتبر الثوار المدينة ممراً استراتيجياً نحو طرابلس. وأعلن الحلف الأطلسي الأربعاء انه دمر ست آليات عسكرية منها أربع دبابات لكتائب القذافي في غريان. كما يسعى الثوار في شكل خاص إلى السيطرة على بئر الغنم، وهي معبر إستراتيجي يقع على بعد 50 كلم جنوبطرابلس، لكي يتمكنوا من الوصول الى مشارف العاصمة الليبية. وعلى جبهة الدافنية غرب مصراتة، قال الثوار إنهم تقدموا 20 كيلومتراً غرباً نحو طرابلس. وقال قادة للمقاتلين في الدافنية على المشارف الغربية لمصراتة ل «رويترز»، إن قواتهم أحرزت هذا التقدم الليلة قبل الماضية بامتداد جانب من الجبهة، لكن مراسلي «رويترز» لم يتسن لهم التأكد من ذلك بشكل مستقل. وقتل من الثوار 14 مقاتلاً واصيب نحو 50 بجروح. وأفيد أن أحد قادة الثوار وهو عقيد في سلاح الطيران منشق عن قوات القذافي قُتل في المعارك. ومن الممكن أن يجعل هذا التقدم المقاتلين عرضة للهجوم، لأنهم لم يتح لهم الوقت الكافي للتحصن وبناء مواقع دفاعية. وسيكون هذا التقدم واحداً من أكبر التطورات بالنسبة لمقاتلي المعارضة، خلال أسابيع من القتال الذي يتسم بالجمود إلى الغرب من مصراتة. وفي موسكو (رويترز)، قال رئيس الاتحاد العالمي للشطرنج كرسان اليومجينوف بعد زيارة لطرابلس، إن محمد القذافي، الابن الأكبر للزعيم الليبي، قال له إن معمر القذافي مستعد للتفاوض مع المعارضة لإنهاء القتال. وأوضح ل «رويترز» في حديث هاتفي أول من أمس من مقر الاتحاد العالمي للشطرنج في موسكو، ان محمد القذافي أبلغه خلال زيارته الأخيرة لطرابلس، أن «القذافي مستعد لإجراء محادثات مع المتمردين من دون أي شروط لوقف القصف. إنهم يريدون الحوار، وفي هذا الحوار القذافي مستعد للعمل من أجل وضع خطط مع الجانب الآخر لاجراء انتخابات أو استفتاء». ووصفت صحيفة «نيويورك تايمز» اليومجينوف بأنه وسيط غير رسمي بين الكرملين وليبيا، وهو دور ينفي انه يقوم به. وقال إنه سافر إلى ليبيا لتفقد أحوال مدارس الشطرنج هناك، ولم يحمل أي رسائل من موسكو. وجاءت تصريحاته في الوقت الذي قالت فيه صحيفة روسية إن القذافي يدرس احتمال التنحي وتسليم السلطة، لكن الحكومة الليبية نفت انها تتفاوض بشأن تخلي الزعيم الليبي عن السلطة. وقال اليومجينوف: «هذا الكلام (عن تنحي القذافي) يأتي من أناس لا يعرفون ما يحدث داخل البلاد. محمد قال إن والده لا يعتزم الرحيل». وفي بروكسيل (رويترز)، قال الأمين العام لحلف شمال الاطلسي أندرس فوغ راسموسن، إن الحلف ليس لديه معلومات مؤكدة تفيد بأن القذافي يسعى إلى اتفاق يتخلى بموجبه عن السلطة. لكنه زاد: «من الواضح تماماً أن الوضع النهائي ينبغي أن يكون تنحيه عن السلطة». وفي أنقرة (أ ف ب) دعا المسؤول الثاني في المجلس الوطني الانتقالي الليبي محمود جبريل في انقرة، أمس الأربعاء، المجتمع الدولي إلى وضع الأموال المجمدة لنظام طرابلس في تصرف المعارضة. ووقّع المجلس الذي يتولى الإدارة السياسية للمتمردين، اتفاقاً مع تركيا لقرض بقيمة 200 مليون دولار. وقال جبريل وفق الترجمة التركية لتصريحاته: «قبل وقت قصير سلمنا رسالة إلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا (عبدالإله الخطيب) لنقلها إلى اعضاء مجلس الأمن الدولي تطالب بمنحنا أموال ليبيا». وأضاف بعد محادثات مع وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو ان «المجتمع الدولي لا يستطيع فقط دعم معركتنا ضد النظام (...) ان الشعب الليبي يعاني أيضاً من مشاكل الجوع والفقر ونقص الادوية والمساكن». واعتبر أن الليبيين المقيمين في المناطق التي ما زالت تحت سيطرة نظام معمر القذافي يعيشون في ظروف أكثر بؤساً من المناطق الخاضعة لادارة المتمردين، مؤكداً أن اكثر من اربعمئة الف شخص فروا الى تونس من منطقة طرابلس.