أكد قضاة وحقوقيون على أن قضايا «ميراث المرأة» من الملفات الشائكة التي أرهقت «جزئياً» أعمال المحاكم ، كونها مرتبطة بنظر المجتمع السليبة تجاه حقوقها، إضافة إلى خجلها من المطالبة باسترداد حقها الشرعي سواء من الجهات الرسمية أو غيرها. وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان والعرائض في مجلس الشورى مشعل العلى ل«الحياة»: « إن الإشكالية تكمن في أن بعض النساء لا يطالبن بحقهن، وحياءهن يمنعهن من التجرؤ على مناقشة هذه المواضيع، حيث وردتني الكثير من حالات حرمان المرأة من ميراثها ومساومتها عليه، وهذه من الأفعال المجرمة شرعا وقانوناً، إضافة إلى وجود تباطؤ من جانب المحاكم في هذا الشأن». ودعا القضاة إلى منح المرأة حقها مباشرة من دون وسيط ، وتسليمها ميراثها بصفة شخصية من دون الاعتماد على الوكالات أو غيرها، تجنباً للاحتيال أو التلاعب، إضافة إلى عدم قبول تنازلها خطياً إلا بعد الاستماع إلى أقوالها للتأكد من رضاها التام في هذا الشأن، مقترحاً إيجاد وسائل سرية تستطيع المرأة من خلالها إيصال دعواها إلى مكاتب القضاة، إذ إن الكثير منهن يتحرجن من الوصول إلى أبواب المحاكم، لدواعي العيب الاجتماعي، والعادات والتقاليد التي تنتقص من هذه النوعية من المطالبات. وقال : « إن على المحاكم الاعتناء بهذه القضايا بشكل سري وفق إجراءات التقاضي، فور وصولها إلى القاضي، واستدعاء من ظلمها وهضم حقها، حتى لا ينتج من هذه المطالبة وقوع المرأة في الضغط عليها وتتنازل عن حقها من دون وجه حق». وشدد على أهمية دور القضاء في توعية المجتمع والمرأة بالآلية الصحيحة في قضايا الميراث، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض النساء يخفن من أولياء أمورهن أو أقاربهن، الأمر الذي يدفعهن للتنازل عن حقوقهن لحماية أنفسهن من الأذى. ورأى أنه من الصواب تفريغ محام اختصاصي في مثل هذه القضايا داخل أروقة المحاكم، ليتولى مساعدة المرأة في الحصول على حقها وحمايتها من أي تلاعب أو عمليات احتيال، متوقعة في هذا الشأن. من جهته، أكد القاضي في محكمة جدة العامة حمد الرزين ل «الحياة» أن حرمان المرأة من ميراثها ينتشر في المجتمعات المتخلفة، إلا أنه يقل في المدن المتحضرة, مضيفاً أن بعض أطراف المملكة ينتشر فيها بعض الجهل من خلال انتقاد النساء اللائي يطالبن بحقهن في الميراث. وأوضح أن القضاة لا يسمحون بمثل هذه المخالفات الشرعية ، إذ تتم معالجتها بتطبيق الأحكام المثبتة شرعاً، إضافة إلى إلزام الأطراف كافة بالقسمة العادلة للذكر والأنثى، لافتاً إلى أهمية حث المجتمع على إعطاء المرأة حقوقها وعدم حرمانها، عبر دعم الدولة للبرامج التثقيفية في هذا الشأن، مع التأكيد على مسألة إلغاء مبدأ التفاوض مع الورثة.