حظي زوار مركز جدة للمنتديات والفعاليات، اليوم الثالث على التوالي، بوجبات معرفية وتثقيفية وتعليمية، خلال تجولهم في معرض أجواء القهوة والشوكولاتة المقام حالياً في المركز، فكانت الفائدة والمعلومة تقدم لهم من خلال فعاليات المعرض، التي آثر منظموها أن يقدموا لضيوفهم زوار المعرض معلومة وجرعة ثقافية مع كل كوب قهوة مقدم لهؤلاء الزوار، وهم الذين توافدوا إلى المعرض. ويلحظ الزائر، خلال جولته بين أروقة المعرض وداخل أركانه، أو لحظة استمتاعه بفعالية من الفعاليات، الكم الكبير من المعلومات والأسرار عن هذين المنتجين (القهوة، والشوكولاتة)، ولعل «متحف القهوة» أهم وأبر الفعاليات الدالة على ذلك الأمر وأكثرها تجسيداً له، لأن المتحف يعرف الزائر بتاريخ القهوة وقصة اكتشافها، وفنون تحضيرها، التي تتنوع بتنوع الثقافات والحضارات والأزمان، بجانب تسليط الضوء على أسرار وطرق تحميصها وطحنها، أحد أهم الفوارق في صناعة منتج القهوة، ومرحلة مهمة من مراحل رحلة حبة البن من الشجرة حتى الكوب، لأنها مرحلة قد تصنع الفرق في ما يتعلق بالجودة من عدمها. ويتيح المتحف للزوار الاطلاع على تاريخ البلدان التي اشتهرت بإنتاج البن أو الكاكاو، وقصة وصول كل بلد منها إلى طليعة البلدان المصدرة للبن والكاكاو، ولاسيما أن المملكة بدأت بجدية العمل في هذا المجال، ويوازي تلك الجدية تفاؤل المتخصصين والخبراء بهذا التوجه، الذي يعدونه صائباً بجدارة، ومرجحين بشكل كبير نجاح تجربة المملكة في هذا الصدد، وخصوصاً مع الاهتمام البالغ والواضح من الجهات والقطاعات الحكومية والأهلية المعنية بالزراعة والمياه، أو تلك العاملة في المجال الاقتصادي، المهتمة باتخاذ منتجي القهوة والشوكولاتة، سلعاً تستحق الاستثمار فيها، مدعومين بسوقٍ محلية تصنّف ضمن الأسواق العالمية الأكثر استهلاكاً، ليس لمنتج القهوة فحسب، بل وحتى على صعيد منتج الشوكولاتة. يذكر أن المتحف يضم لوحة تحكي قصة «القهوة» المكتوبة باللغتين العربية والإنكليزية، التي بدأت ملامحها في القرن الخامس الميلادي واستمرت حبكتها في التشويق حتى القرن ال21 الميلادي، بجانب توضيح اللوحة كيفية دراسة علم وخصائص القهوة من العلماء العرب، الذين توصلوا إلى نتائج مكنتهم من تصنيعها على طريقتهم الخاصة، فيما تلفت خريطة عرضت داخل المتحف أنظار الزوار، الذين وقفوا على مواقع وانتشار زراعة القهوة على مستوى العالم بصفة عامة، وجنوب المملكة بصفة خاصة. وروعي أن يحوي المتحف أقدم الأدوات المستخدمة في عملية فرش القهوة بعد الحصاد، بعضها يعود عمره إلى 90 عاماً تقريباً، واستخدم الخشب في تصنيعها، بأحجام وأطوال مختلفة. من جانبها، نالت «الدلة» القديمة ذات النقوش العربية، المتضمنة حكماً وأمثالا عربية قديمة، ومثلها المطحنة المستخدمة لطحن البن قديماً، في محافظة الأحساء تحديدا، والتي قدر عمرها ب50 عاماً. وحل عدد من الآلات القديمة الموزعة داخل المتحف في مقدم أولويات الزوار، الذين أبدوا شغفهم بالتعلّم وزيادة مخزونهم الثقافي والمعرفي، من هذا التاريخ، الذي قلّما جاء بهذه الشمولية، سواء عبر المنتجات القديمة الموجودة في «متحف القهوة»، أم من خلال المعلومات التاريخية المعروضة بأسلوبٍ مبتكر وشائق، أو الأدوات المستخدمة في صناعتها، والتي تجاوز عمر بعضها 90 عاماً، و80 عاماً كما هي حال الميزان الكبير الخاص بوزن أكياس القهوة، الذي جُلب من منطقة جازان. ويستطيع الزائر، الذي يظل بعد زيارة المتحف متعطشاً إلى المعرفة، الاطلاع على طريقة إعداد القهوة الحديثة في ورش العمل والدورات التدريبية التي انطلقت في ثاني أيام المعرض، وقدم إحداها المحاضر «أحمد الرشيدي» من دولة الكويت، وتطرق إلى «اساسيا الباريستا» و«30 مل من القهوة تكفي لصنع علامة تجارية» و«كيف تربط شغفك بالعلامة التجارية»، أو المحاضرة الأخرى التي تولى الحديث فيها مارتي بولاك عن «أنواع وطرق معالجة القهوة الخضراء»، و«النظريات العلمية في تقطير القهوة»، إلى جانب العرض الذي أسمته المواطنة المتخصصة في مجال إعداد القهوة سارة العلي «تجربة باريستا سعودية»، التي تناولت الحديث عنها في ورشة عمل بعنوان: «مسيرتي والقهوة».