تباين موقفا كل من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان من موضوع القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية. ففي حين دعا قباني الى «إخراج المحكمة من التداول السياسي، وحصر العمل على إحقاق العدالة بالمؤسسات والمحافل المختصة»، رأى قبلان أن «المحكمة مسيسة، والقرار الاتهامي كشف عن وظيفتها التخريبية». وأكد قباني في بيان اصدره امس، أن «العدل هو أساس العلاقة بين الناس وفي الوطن، وأن مجتمعاً يغيب العدل عنه لا يكتب له الأمان ولا الاستقرار ولا الاستمرار، والعدل كما يكون في القضاء فإنه كذلك يكون في الحوار وفي الجدال وفي المديح وفي الهجاء». وأوضح أن «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي اليوم مؤسسة قائمة تكتسب شرعية دولية من قرار إنشائها الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وبناء عليه، يجب إخراج موضوعها من التداول السياسي»، مشيراً الى أن لبنان «بأمس الحاجة إلى الاستقرار السياسي من أجل تفعيل عمل المؤسسات وتحريك عجلة الدولة والقيام بشؤون الناس الإدارية والاجتماعية والمعيشية. وإن إشراك عنوان المحكمة كمادة للتصارع السياسي فيه إساءة إلى ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجميع الشهداء الذين قدموا الدم لتحقيق بناء الدولة السيدة الحرة المستقلة وطناً آمناً مستقراً لجميع اللبنانيين». أضاف: «إننا في دار الفتوى مع جميع الحرصاء على إيفاء الرئيس الشهيد رفيق الحريري حقه في إنزال العقاب بقتلته، يجب علينا الامتناع عن المساهمة في تداول عمل المحكمة الدولية في الشأن الداخلي اللبناني لكون هذا التداول يسيء إلى مطلب العدالة للشهداء الذي ينادي به اللبنانيون جميعاً من دون استثناء»، مشدداً على أن «حصر العمل على إحقاق العدالة المحقة بالمؤسسات وبالمحافل المختصة يساهم إيجاباً في التوصل في النهاية إلى الحقيقة، فالمؤسسات المختصة هي الجهة الوحيدة المخولة إصدار الأحكام والنظر في الاعتراضات. وإننا على قدر ما ننأى عن تداول المحكمة سياسياً، على قدر ما نرتقي إلى مستوى المهمة القضائية والعدلية البحتة التي تمنح للمدعي حقه بالإدعاء وللمدعى عليه حقه في الدفاع وتنصف الشهداء وتعطي كل ذي حق حقه». وتابع: «الرئيس الشهيد رفيق الحريري رجل الطائف ورائد بناء الدولة وإعادة إعمار لبنان، الرجل المقاوم الذي قاوم العدو الصهيوني بفكره وبالسياسة في المحافل الدولية ودافع عن لبنان وحقوقه في كل حين، يستحق منا كلبنانيين الحرص على لبنان كحرصه عليه، وهو الذي تركه وديعة بين أيدينا يوم قال: «إني أستودعكم هذا الوطن الحبيب لبنان وشعبه الطيب»، داعياً الى أن «نؤدي الأمانة بأن نكون ضنينين بالمسلمات التي آمن بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأن نحفظ الدولة ونصون الشعب الطيب الذي أوصانا به خيراً فنجنبه الفتنة والانقسام والاقتتال، وحتى أبسط أسباب الجدال والاختلاف على أي خلفية سياسية، وعدم تحريك الخلافات في إطار طائفي أو مذهبي أو فئوي». أما قبلان فنوّه في تصريح أمس، ب «حكمة الشعب اللبناني ووعيه الذي تعامل مع القرار الاتهامي للمحكمة الدولية بمسؤولية وطنية عالية استطاع من خلالها أن يفوت الفرصة على المندسين والمصطادين في الماء العكر فأحبط فتنة المحكمة الدولية التي سعت في قرارها الظني الى استغلال الدماء الزكية للرئيس الشهيد رفيق الحريري لتنفيذ مخطط صهيوني لإغراق لبنان في الفتن والفوضى». وسأل عن «صدقية المحكمة الدولية وسرية تحقيقاتها في ظل التسريبات والفضائح ونشر مضامين التحقيقات في وسائل الاعلام مما يؤكد ان هذه المحكمة مسيسة»، معتبراً أن «توقيت تسليم القرار الاتهامي بالتزامن مع مناقشة البيان الوزاري كشف عن الوظيفة التخريبية لهذه المحكمة التي أصبحت حصان طروادة للانقضاض على قوى الممانعة والمقاومة وتخريب السلم الأهلي في لبنان تمهيداً لتنفيذ المرحلة الأولى من مخطط تآمري سنشهد مراحله في القريب العاجل». ودعا المجتمع الدولي الى «درس القرائن والأدلة التي أبرزها الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله في خطابه وشكلت إدانة واضحة للمحكمة الدولية كشفت سقوط صدقيتها وتحولها الى أداة لتنفيذ المخطط الصهيوني ما يستدعي من مجلس الأمن والحكومة اللبنانية إعادة النظر في أهلية وصلاحية وصدقية هذه المحكمة»، وطالب الحكومة اللبنانية ب «إعادة الاعتبار الى القضاء اللبناني للنظر في كل جرائم الاغتيال التي شهدها لبنان ولا سيما ان في هذا القضاء طاقات مشهوداً لها بالكفاءة والنزاهة والخبرة». وطالب الحكومة «بإدراج بند إدانة الكيان الصهيوني على مجازره وجرائمه التي ارتكبها إبان عدوان تموز (يوليو) 2006 في بيانها الوزاري لتكون الاولوية لتقديم شكاوى إدانة ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية والمنظمات الانسانية والقانونية والمطالبة بتعويضات».