في تطور أمني لافت دخل الجيش السوري قرى جديدة في محافظة ادلب في شمال غربي البلاد، في الوقت الذي استمر توغل الدبابات بمنطقة جبلية قرب تركيا ما ادى إلى فرار مئات المدنيين، بخاصة الرجال خشية اعتقالهم وفق ما ذكر شهود عيان. وتحدث ناشطون سوريون عن سقوط قتلى خلال عمليات الجيش وعن اعتقالات في اوساط المعارضين السياسيين. في موازة ذلك، أفاد حقوقيون بأن احد المعارضين الذين شاركوا في مؤتمر دمشق للمعارضة السورية تعرض للاعتداء على يد عدد من انصار النظام. وجاءت التطورات غداة دعوة المعارضة السورية إلى تحرك «مليوني» إلى مدينة حلب لإنجاح التظاهرات. وعن التطورات الميدانية، قال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» امس «دخلت الدبابات وآليات نقل الجنود الى قريتي مرعيان واحسم. وهي الآن على تخوم البارة» وهي قرية مشهورة بالاثار الرومانية. وتابع: «انتشر الجنود في القرى وبدأوا عمليات مداهمة». وتحدث شهود عن فرار مئات المدنيين بعد دخول قوى الامن. وبدأت تحركات الجيش السوري في ادلب منذ الليل، إذ دخل بلدة الرامي القريبة من الطريق السريع المؤدي الى حلب ثاني كبرى المدن السورية. ووفق ناشطين، فان قوات الجيش اطلقت النيران والقنابل المضيئة خلال عمليات الاقتحام، كما سمع اطلاق نار من قرية ارم الجوز في ادلب. وأفاد الناشطون بأن عمليات مداهمة واعتقالات تمت خلال عمليات الجيش، إلا انه من غير الواضح اعداد الذين تم اعتقالهم. ويأتي ذلك فيما دعا الناشطون من اجل الديموقراطية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» الى التعبئة اليوم في حلب وقالوا: «الى جميع الثوار في ارياف حلب وادلب ومدن الشمال والوسط والشرق... عليكم بالتوجه الى قلب مدينة الشهباء غداً الخميس لتفجير التظاهرات واشعال فتيل الثورة في مدينة حلب الشهباء، اذهبوا مع كافة اصدقائكم وعوائلك ومع الشباب منسقي التظاهرات في مدنكم ... ازحفوا الى حلب لإنجاح المليونية». والتظاهرات المناهضة للنظام في حلب لا تزال محدودة، إلا انها بدأت تأخذ منحى تصاعدياً منذ نحو الشهر عندما بدأت الانباء ترد عن سقوط اطفال والهجوم على القرى الحدودية مع تركيا ما دفع آلاف الى اللجوء على داخل الاراضي التركية. لكن كان لافتاً ان حركة الاحتجاجات في حلب تتصاعد امس بشكل خاص، إذ نفذ حوالى 300 محام اعتصاماً في داخل قصر العدل في المدينة امس. ورفع المحامون هتافات من اجل الحرية والافراج عن السجناء السياسيين مثل «الدم السوري غالي» و «الشعب السوري واحد» بالموازاة نظم محامون مناصرون للنظام اعتصاماً في قاعة اخرى في المبنى. وكان الجيش السوري قد دخل منذ الاسبوع الماضي الى بلدات عدة في محافظة ادلب لإنهاء الاحتجاجات. إلا ان المحتجين ردوا بالتظاهر تقريباً كل ليلة. وتظاهر عشرة آلاف شخص ليلاً في ادلب وفق المرصد السوري. وكان الجيش السوري قد وسع هجومه في جنوب البلاد عبر الدخول الى القصير القريبة من لبنان دافعاً بمئات الاشخاص الى اللجوء الى الجانب الآخر من الحدود. وقال ناشط سوري بارز إن قوات الجيش السوري واصلت التوغل بالدبابات في منطقة جبلية قرب تركيا. وقال عمار القربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سورية لوكالة «رويترز» إن الدبابات بدأت في اطلاق النار على الاحراج المحيطة بالقرية ثم صوبت النار نحوها. وأفاد القربي، وهو من محافظة ادلب، أنه استند في معلوماته الى أقوال عدد من الشهود. وتحدث الناشط عن توقيفات في هذه المدينة وكذلك في دمشق وفي قرية الناجية الحدودية مع تركيا. وتحظر سورية تغطية أغلب وسائل الاعلام الاجنبية مما يجعل من الصعب التحقق من الروايات المختلفة خلال الاحتجاجات المستمرة منذ ثلاثة أشهر. إلى ذلك، أشار «المرصد السوري» إلى توقيف قيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي في حلب وقيادي كردي في حزب المستقبل في الحسكة شمال شرقي البلاد. كما افاد ناشطون لوكالة «فرانس برس» ان الكاتب المعارض منذر خدام الذي ترأس اجتماع المعارضة في دمشق تعرض لتهجم متظاهرين مناصرين للنظام. وتجمع حوالى 150 عنصراً من مؤيدي النظام السوري ليل اول من امس قرب منزل المعارض في اللاذقية، شمال غربي البلاد وأطلقوا «هتافات معادية للقاء دمشق وللحرية وكالوا الشتائم» وفق المرصد السوري. وحمل المرصد السوري السلطات «مسؤولية جميع الاعمال التي قد يرتكبها الشبيحة ضد المعارضين» الذين شاركوا في لقاء دمشق. وندد ب «الشبيحة» ذوي الصيت المعروف جداً على الساحل السوري». وتابع ان «الشبيحة شاركوا في قمع المتظاهرين وعذبوا الناس. كما اوقفوا في ايار طالبين اثنين وممرضاً في بانياس، شمال غرب، ما زال مصيرهم مجهولاً»، معتبراً ان «السلطات السورية عليها سحب الاسلحة من هذه الجماعات المسلحة غير الشرعية». وجاءت هذه التطورات الامنية غداة اجتماع غير مسبوق في دمشق لنحو مئة معارض دعوا الى استمرار «الانتفاضة السلمية» حتى تحقيق الديموقراطية في سورية. وأبدى الحقوقي والناشط السوري انور البني الذي خرج قبل فترة من السجن، تفاؤلاً بالمؤتمر. وقال إن المؤتمر نجح في ترسيخ حق جميع السوريين في ان يلتقوا بشكل مشروع وعلني و «حق جميع السوريين في ان يعربوا عن رأيهم بوضوح وصراحة مهما كانت هذه الآراء مناهضة للسلطة ومن دون ان يتم اعتقالهم او تهديدهم». لكن الناشطين الذين اطلقوا في 15 آذار حركة الاحتجاجات انتقدوا اجتماع دمشق، في بيان على موقع فايسبوك، معتبرين انه عقد «تحت مظلة النظام»، وتساءلوا عن جدوى تلميع صورته. ورأى آخرون في المؤتمر «دليلاً على تراجع النظام عن ثوابته التي تعتمد على خنق كل صوت معارض»، مشيرين الى ان «النظام اهتز». وإثر الاجتماع، نظم الناشطون من اجل الديموقراطية في سورية، بضع تظاهرات ليلية. وقتل 1342 مدنياً و343 شرطياً وجندياً منذ بدء حركة الاحتجاج في 15 آذار (مارس) وفق آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان.