شنّت الولاياتالمتحدة أول من أمس، هجوماً قوياً على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهددت بالانسحاب منه بعد اعتماده خمسة قرارات تدين سياسات حليفتها إسرائيل، متهمة إياه ب «فقدان الصدقية». لكن الهجوم الأميركي قوبل بترحيب فلسطيني بما اعتبرته السلطة «رسالة عدل وسلام» صادرة من جنيف، وتأكيداً عالمياً على صون مفهومَي السيادة والحق في تقرير المصير، داعيةً إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى «الإصغاء» إليها. ووصفت السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي المجلس بأنه «فاقد الأهلية ومنحاز كثيراً ضد إسرائيل» كونه يتعامل معها «في شكل أسوأ مما يتعامل مع كوريا الشمالية وإيران وسورية»، لافتة إلى أنه «أقر خمسة قرارات ضد الدولة العبرية، مقابل قرار واحد ضد كل من البلدان الثلاثة». وحذّرت هايلي من أن «لصبرنا حدوداً، وأعمال اليوم تكشف في شكل واضح أن هذه المنظمة تفتقر الصدقية الضرورية لتكون مدافعاً حقيقياً عن حقوق الإنسان». وكان المجلس اعتمد أول من أمس، خمسة قرارات قدمتها منظمة التعاون الإسلامي، تدين أوضاع حقوق الإنسان في فلسطين، وتؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، وتطالب إسرائيل بالانسحاب إلى حدود عام 1967 والوقف الفوري لكل الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني وتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة، وتدعو إلى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني، ووقف بناء الجدار العازل ومساعي إسرائيل للنيل من البنية الجغرافية والديموغرافية للأراضي المحتلة، ووقف الأنشطة الاستيطانية كافة خصوصاً في القدسالشرقيةالمحتلة، وتفكيك المستوطنات الحالية وإلغاء كل التشريعات التنظيمية الخاصة بها، وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي لحقت بهم بسبب انتهاكات الاحتلال. ولاقت هذه القرارات ترحيباً فلسطينياً، وقال الناطق باسم حكومة التوافق الوطني يوسف المحمود إن التصويت لمصلحة تلك القرارات، «يعكس موقفاً عالمياً يتمسك بالحلّ العادل والشامل في المنطقة»، ويعتبر «انحيازاً عالمياً للحق ولفلسطين، وتعبيراً عن التمسك بالوقوف في وجه الظلم والغطرسة والاحتلال، ورفضاً للغة الابتزاز والتهديد». واعتبر الناطق باسم حركة «فتح» في أوروبا جمال نزال في بيان، أن «عدم نجاح الولاياتالمتحدة في تعطيل تمرير القرارات، يشكل رسالة من العالم ضد التوجهات الخطرة الجارية حالياً لتجريد السياسة العالمية من الأخلاق والقوانين». ودعا نزال إدارة ترامب إلى «الإصغاء إلى هذه الرسالة الهادفة إلى تحقيق العدل والسلام العالميين». وقال إن «اعتماد المجلس قراراً يؤكد حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، يشكل رداً عالمياً على مساعي شطب مفهومَي السيادة وتقرير المصير من السياق الفلسطيني». وثمّنت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي خطوة المجلس، معتبرة أنها «تشكل استثماراً مهماً يصب في مصلحة الأمن والسلام في المنطقة، وتؤكد التزامه الوقوف ضد الظلم والطغيان». وأكدت أن «الأوان قد آن لإنهاء الاحتلال العسكري الجائر»، مطالبة أعضاء المجتمع الدولي ب «الاعتراف بدولة فلسطين ومحاسبة إسرائيل ومساءلتها على انتهاكاتها المتواصلة، واتخاذ التدابير العقابية اللازمة ضدها، وإلزامها بالتقيد بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية». كما استهجنت موقف الدول التي صوتت ضد هذه القرارات، بما فيها تلك التي امتنعت عن التصويت وخصوصاً الولاياتالمتحدة، ودعتها إلى «الكف عن الانحياز الأعمى لإسرائيل وعدم توفير الغطاء لها». ورأت أن التصويت ضد هذه القرارات «يؤكد تواطؤ هذه الدول مع الاحتلال ومساهمتها في خلق حال من عدم الاستقرار في المنطقة وخارجها». ووسط هذا الترحيب، برزت مطالبة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني بتنفيذ هذه القرارات، التي رأى أن إقرارها «خطوة بالاتجاه الصحيح، لكن اعتمادها من دون تنفيذ على أرض الواقع، يضع علامات استفهام حول قدرة المؤسسة الدولية على محاسبة الاحتلال». ووصف مجدلاني تهديد هايلي بالانسحاب من المجلس ب «الوقاحة السياسية التي فاقت كل الحدود والأعراف الديبلوماسية».