ربما تكون لفظة «الإعلام الجديد»، وبما يحتويه من شبكات التواصل الاجتماعي، وأهمها «تويتر» و«اليوتيوب» و«الفيسبوك»، باتت من أكثر الكلمات انتشاراً وتداولاً واستخداماً، خصوصاً لدى جيل الشباب الذي نجح في توظيف تقنيات هذا الإعلام ووسائطه المتعددة والمتنوعة في أن يكون له دور وتأثير فعال في صناعة الأحداث والتغيير، لست من المبالغين في تضخيم دوره كلاعب وصانع رئيس وحيد في ملعب وميدان التغيير، خصوصاً في الأحداث الكبرى، وبمعزل عن العوامل والظروف والمتغيرات الأخرى، ولكن الدور المهم والأثر الفعال الذي بات يلعبه في نقل الصوت والصورة للحدث أولاً بأول له أثر كبير في التسريع بعجلة تغيير المجتمعات. لقد باتت المرأة في المجتمع السعودي في الآونة الأخيرة من أكثر الفاعلين والمستفيدين من الإعلام الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصالات والتقنيات الحديثة في إيصال صوتها ومطالبها من أجل نيل حقوقها، وكان حضورها الفعال واللافت في شبكات التواصل الاجتماعي أكثر من الرجل وبشكل واضح، وهو ما يعزوه الكثيرون إلى كون المرأة في مجتمعنا لا تزال محرومة من عدد كبير من الحقوق الإنسانية في حياتها اليومية، ولذلك فقد تناولت زمام المبادرة بنفسها ولم تنتظر لحظة الفجأة التي تمنحها، أو تهب لها حقوقها متى ما جاءت، بل بادرت بذاتها بالدعوة والمطالبة بها عبر الطرق والوسائل السلمية النظامية والمشروعة، وكذلك لم يمنعها أو يثنيها تخوين واتهام الفئات المتشددة لها باتهامات ودعوات واهية وساقطة عن مطالبتها بحقوقها المشروعة التي لا تعارض دينها وإيمانها ولا تقدح في وطنيتها وصدق انتمائها لبلدها. لقد بات هذا الفضاء الاجتماعي في «تويتر» و«يوتيوب» هو المعبر بصدق عن واقع ومتطلبات المرأة السعودية على وجه العموم، فلم يعد الحديث عن واقعها وعن حقوقها، كما كان من قبل، هو شأن يعني ويهتم به فئة معينة من الأكاديميات أو الناشطات أو الكاتبات أو حلبة تتصارع على قضاياها التيارات الفكرية والفتاوى الدينية على أروقة الصحافة ووسائل الإعلام، بل أصبحت المرأة السعودية من خلال هذا الفضاء باختلاف مستوياتها التعليمية وطبقاتها الاجتماعية وفئاتها العمرية وبذوات معلومة وليست مجهولة، هي المعبر الأول عن نفسها، وهي التي أصبحت تسهم بدور رئيس وفعال في تغيير واقعها والمطالبة بحقوقها من خلال ترجمة الكثير من الحملات الحقوقية على شبكة الانترنت إلى واقع عملي. لقد تمكنت المرأة ومن خلال الإعلام الجديد، الذي يمتاز بحرية الطرح والبعد عن قيود السياسة التحريرية وعن الرقيب، والسرعة في تناول الحدث بشكل أكبر بكثير من وسائل الإعلام التقليدية في تقديم رؤية وتصور حقيقي بالصوت والصورة أولاً بأول للمتغيرات والمستجدات الحادثة في الساحة كافة، إضافة إلى الأهم من ذلك وهو حجم الصدقية الكبير الذي استطاعت تحقيقه في نقل المستجدات والتطورات، وهو الأمر الذي لعب دوراً كبيراً في توسيع دائرة الانتشار والإقبال والاهتمام على المستويين المحلي والعالمي، فلم تعد لغة نفي الوقائع والحوادث وتحريف وصف الحال وتشويه الجهود بالأخبار والمقالات والتقليل من أهميتها الممارس من البعض ذا قيمة أو جدوى يأبه لها في مقابل ما تراه الأعين وتسمعه الآذان! لقد برزت وأسهمت أسماء عدة وبشكل فعال وكبير جداً من النساء في نقل الأخبار وتصوير ذلك الحراك الاجتماعي الذي تعيشه المرأة السعودية بمستجداته كافة على أرض الواقع، وعلى سبيل المثال لا الحصر، المدونة السعودية المعروفة «إيمان النفجان»، صاحبة مدونة المرأة السعودية المختصة بحقوق المرأة، التي كانت لها إسهامات واضحة في هذا الحراك، إضافة إلى الكثير من المدونات والناشطات المهتمات بكل القضايا المتعلقة بالمرأة السعودية، بل كان للكثير منهن أيضاً دور وإسهام واضح في عدد من قضايا الشأن العام، لقد أصبح الهاتف المحمول في هذه المرحلة التي نعيشها هو الوسيلة التي لا تضاهيه أي وكالة أنباء في سرعة وصدقية نقل الخبر، وباتت اليد التي تحمل ذلك الهاتف المحمول لا ينافسها أي صحافي في العالم في نقل الوقائع، وإذا كان الهاتف المحمول هو وكالة الأنباء العظمى، فإن عالم «الإنترنت» وبشبكاته الاجتماعية التواصلية هي الصحافة الأولى التي تنشر المشهد وتوزع الأدوار، حتى باتت الفضائيات العالمية تتسابق على نقل وجمع ما أنتجته تلك الشبكات لعرضه على شاشاتها، ومن هنا يصدق ما يقوله بعض المراقبين من أن التكنولوجيا الرقمية أصبحت أقوى سلاح بيد دعاة الحرية! * كاتب سعودي. [email protected]