تقترب القوات النظامية السورية من إحكام سيطرتها على معظم أجزاء الغوطة الشرقية آخر معاقل فصائل المعارضة قرب دمشق، سواء عبر عقد «اتفاقات» على إجلاء مقاتلي الفاصائل وعائلاتهم من القطاعات الشمالية والجنوبية، أو من خلال مواصلة التصعيد العسكري ضد المناطق المحاصرة لتسريع عملية استسلام مقاتلي المعارضة في ما تبقى من مدن وبلدات خاضعة لسيطرتهم. وفيما أعلن فصيل «فيلق الرحمن» المتواجد في القطاع الجنوبي من الغوطة وقف النار في مناطقه تمهيداً لإجراء «مفاوضات نهائية» مع روسيا والنظام في شأن إجلاء مقاتليه ومدنيين في اتجاه محافظة إدلب، تعرّضت مدن وبلدات جنوب الغوطة لقصف عنيف ليل الخميس- الجمعة، قبل أن يعود الهدوء إليها صباحاً مع خروج وفد منها للتفاوض مع الطرف الروسي. وقبل وقف إطلاق النار، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل أكثر من 70 شخصاً في القصف على بلدات جنوب الغوطة. وبين هؤلاء 37 مدنياً على الأقل قتلوا في غارات روسية على بلدة عربين، وفق مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن الذي أوضح أن «القصف الروسي بالغارات والقنابل الحارقة تسبب بمقتل هؤلاء المدنيين في الأقبية حرقاً او اختناقاً»، مشيراً إلى أن فرق الإنقاذ لم تتمكن من انتشالهم سوى في وقت لاحق خلال الليل وفجر الجمعة. ووصفت منظمة «الخوذ البيضاء»، التي تقوم بمهمات الدفاع المدني في مناطق المعارضة، ما حصل في عربين ب «المجزرة المروعة». ونشرت صورة على حسابها على موقع «تويتر» تظهر ثلاثة مسعفين يرتدون أقنعة واقية وينتشلون جثة متفحمة، إلى جانبها أخرى لُفت بقماش أبيض، فيما بَدَت ألسنة النار مشتعلة إلى جانب جثث ملقاة على الأرض. واستهدف القصف بالقنابل الحارقة مناطق عدة في الغوطة خلال الليل تضمنت أيضاً مدينة دوما. ووفق صور ومشاهد فيديو نشرتها وكالة «فرانس برس»، بدا القصف في دوما وكأنه بمادة الفوسفور الأبيض، الذي يمنع القانون الدولي استخدامه إلا في حالات خلق ستار دخاني أو إرسال إشارات ووضع علامات أو حتى كسلاح حارق ضد المقاتلين بعيداً عن المدنيين. وينسحب الضغط العسكري والمفاوضات على دوما شمالاً. وتجري حالياً مفاوضات بين روسيا ومسؤولين في المدينة، لم يؤكد «جيش الإسلام» مشاركته فيها. ووفق عبد الرحمن، فإن المفاوضات في دوما قد تؤدي إلى اتفاق يقضي بتحويلها الى منطقة «مصالحة» بعودة مؤسسات الدولة إليها وبقاء مقاتلي «جيش الإسلام» من دون دخول قوات النظام. وتتواصل منذ أيام حركة نزوح جماعي من دوما عبر معبر الوافدين شمالاً، أحد المعابر الثلاثة التي حددتها القوات الحكومية للراغبين في الخروج من مناطق سيطرة المعارضة.