شهدت التحقيقات في استهداف موكب رئيس حكومة الوفاق الفلسطينية رامي الحمدالله في غزة قبل نحو أسبوع، تطوراً دراماتيكياً عندما أعلنت حركة «حماس» اسم المشتبه الرئيس بتنفيذه، أنس أبو خوصة، قبل أن تشن قواتها الأمنية عملية لاعتقاله أسفرت عن مقتله ومطلوب آخر، إضافة إلى عنصرين أمنيين. وعلمت «الحياة» أن أبو خوصة «داعشي» الانتماء، وأن كاميرا تحملها طائرة من دون طيار «درون» تابعة لأجهزة الأمن في غزة صورت عملية قتله، وأن البحث جار عن ثلاثة من شركائه. وشككت السلطة الفلسطينية في «رواية» أمن «حماس»، ولوّح الرئيس محمود عباس مجدداً بفرض عقوبات على الحركة والقطاع ما لم تسلم «كل شيء فوراً» لحكومة التوافق، خصوصاً «الأمن»، أو «تتحمل عواقب إفشال الجهود المصرية الساعية لإنهاء هذه الحال». بموازاة ذلك، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية أن توقيت التفجير خطير بالمعنى الوطني والسياسي والميداني، إذ «يهدف إلى تفجير ملفات سياسية». كما أطلع هنية ورئيس الحركة في غزة يحيى السنوار عدداً من قادة الفصائل على تفاصيل «مذهلة» عن التفجير. وكانت وزارة الداخلية التابعة ل «حماس» في غزة، أعلنت أنها حاصرت منزلاً تحصن فيه المتهم الرئيس بتفجير الموكب أنس أبو خوصة (26 عاماً) أمس في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع. وقالت في بيان إن رجلي أمن قُتلا، كما قَتَل أبو خوصة وأحد مساعديه، وأصيب ثالث بجروح متوسطة خلال اشتباك مسلح. وكشفت مصادر موثوقة ل «الحياة» تفاصيل عملية ملاحقة أبو خوصة ومقتله ورفيقه عبد الهادي الأشهب، وقالت إن أبو خوصة، الذي ينتمي الى التيار السلفي الجهادي واعتنق فكر تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» قبل نحو عامين، رفض تسليم نفسه، وبادر بإطلاق النار على رجال الأمن والشرطة، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم. وأضافت أنه ورفاقه أطلقوا النار على رجلي الأمن للتأكد من موتهما، ليخرج بعد ذلك حاملاً حزاماً ناسفاً على جسده بهدف تفجيره، إلا أن رجل أمن باغته برصاصات قاتلة قبل أن يفجر نفسه وهو يصرخ «كفار كفار». وأوضحت المصادر أن الأجهزة الأمنية صورت العملية من بدايتها إلى نهايتها بآلة تصوير تحملها طائرة صغيرة «درون». وأشارت إلى أن الأجهزة الأمنية تأكدت من أن أبو خوصة هو الذي فجر الموكب من خلال آلات تصوير التقطت له صوراً في مكان التفجير قبل أن يفر على دراجة نارية. ولفتت إلى أن رجال الأمن دهموا منزله مساء الأربعاء بعد ربع ساعة من مغادرته، وعثروا على كمية من المتفجرات والدراجة النارية التي استخدمها في عملية التفجير. وأكدت أن أجهزة الأمن لا تزال تبحث عن ثلاثة آخرين شركاء في عملية التفجير. وعلمت «الحياة» أن أبو خوصة ولد في السودان عام 1992 لأب مناضل انتمى إلى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وقاتل معها في كل معارك الثورة الفلسطينية. وتتألف العائلة من الأبوين وأنس وشقيقه سند وثلاث شقيقات. وعاد أبو خوصة الأب إلى القطاع بعد قيام السلطة الفلسطينية عام 1994، وعُين «جندياً» في جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية إلى أن توفي عام 2012. حصل أنس على دبلوم دراسة متوسطة، وكان عاطلاً من العمل معظم سني حياته، وعمل أحياناً في قطاع البناء، وأحياناً في مجال الزراعة وغيرها. وبعد تشدده قبل عامين، أصبحت تصرفاته غريبة، وفرض النقاب والتشدد على والدته وشقيقاته. وكانت مصادر فلسطينية موثوقة كشفت ل «الحياة»، أن التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية في غزة «أظهرت أن العبوة التي انفجرت مصنوعة من مادة بلاستيكية ولا يوجد فيها أي معادن، بل تصدر عند انفجارها صوتاً قوياً ودخاناً ليس إلا»، وأن الجرحى من حراسات الحمدالله أصيبوا بشظايا زجاج. وكانت الأجهزة الأمنية فككت عبوة ثانية لم تنفجر مشابهة تماماً للأولى، وتم التوصل إلى الجناة من خلال معرفة صاحب بطاقة خط الهاتف الخليوي المربوط إليها. وكشفت مصادر أخرى ل «الحياة» أن الأجهزة الأمنية «اعتقلت عشرات المشتبه فيهم، اعترف اثنان منهم أن أبو خوصة منفذ عملية التفجير». وقالت إن «مشبوهين اعترفا بأنهما اشتريا مواد متفجرة من سلفيين متشددين في القطاع، وسلماها إلى المشتبه فيه الرئيس أبو خوصة، الذي ينتمي إلى تيار سلفي متشدد ينشط في القطاع».