نفّذت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها عمليات تمشيط أمس في مدينة عفرين، غداة دخولها إليها موجهةً ضربة قاصمة للمقاتلين الأكراد من شأنها أن تعيد توزيع خريطة النفوذ في سورية. وفيما أعلنت أنقرة أن الجيش التركي لن يبقى في عفرين بل سيسلمها إلى أصحابها، قتل 11 شخصاً من بينهم 7 مدنيين في انفجار قنبلة في المدينة. وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن قوات عملية «غصن الزيتون» قامت بعمليات تمشيط داخل أحياء مدينة عفرين في إطار سعيها لتأمينها بعد أن تمكنت من السيطرة عليها إثر عملية عسكرية استمرت نحو شهرين. وأكدت وكالة أنباء «الأناضول» التركية أمس مقتل سبعة مدنيين وأربعة مقاتلين من «الجيش السوري الحر» بانفجار قنبلة في مبنى مؤلف من أربعة طوابق في المدينة ليل الأحد– الاثنين. وأضافت أن القنبلة انفجرت أثناء عملية تفتيش يجريها مقاتلو المعارضة السورية في أعقاب دخول المدينة، مشيرةً إلى أنها تسببت في حفرة عمقها أربعة أمتار وألحقت أضراراً بمبان ومركبات حولها. وكان «المرصد» أشار إلى مقتل 13 مسلحاً من الفصائل وإصابة أكثر من 25 آخرين بجروح جراء انفجار ألغام داخل المدينة. سياسياً، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة التركية ونائب رئيس الوزراء بكر بوزداغ أن القوات التركية «لن تبقى في عفرين فهدفنا هو تطهيرها من الإرهابيين وإرساء الأمن، والاستقرار، والسلام فيها ومن ثم تسليمها إلى أصحابها الأصليين». واعتبر أن «عمل تركيا لم ينته في عفرين مع فرض السيطرة عليها، بل هناك الكثير مما ينبغي علمه هناك»، لافتاً إلى أن تركيا جمعت «معظم الأسلحة التي زودت الولاياتالمتحدة المقاتلين الأكراد بها» بعدما تركها مقاتلو «وحدات حماية الشعب» الكردية وراءهم عند فرارهم من المدينة. وأوضح بوزداغ أن من بين الأهداف الناجحة التي حققتها عملية غصن الزيتون أمس هو القضاء على مشروع تشكيل دولة إرهابية، وحزام إرهابي، ولم تُلحق العملية أي أضرار بدور العبادة، والمدارس، والمستشفيات، والمناطق التي يعيش فيها المدنيون بكثافة». من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده وصلت حالياً إلى «مرحلة إرساء الأمن والاستقرار في عفرين، وهذا ما سنركز عليه في الأسابيع المقبلة». وأضاف في حديث لقناة «سكاي نيوز» البريطانية: «ستبقى قواتنا في المنطقة في الوقت الحالي للتأكد من أن المدينة والأهالي في أمان تام»، مشيراً إلى أن على رأس الأولويات «تطهير المنطقة من الألغام والمتفجرات، والعمل مع أهالي المنطقة لتوفير حاجاتهم». ورداً على سؤال عما إذا كانت هناك مخاوف من محاولة النظام السوري السيطرة على عفرين، استبعد كالين كذلك، مذكراً بأنه لم يحدث في منطقة «درع الفرات». وزاد: «نريد أن نتأكد من أن أهالي المنطقة بمنأى عن إرهابيي حزب الاتحاد الديموقراطي وفي الوقت ذاته لن يتعرضوا لهجمات النظام». إلى ذلك، طلبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس إتاحة مجال أكبر أمامها للوصول للمدنيين في عفرين، معلنة أن «الهلال الأحمر التركي» يفتقر للصدقية بين الأكراد السوريين بعد العملية العسكرية التركية. وقال رئيس اللجنة بيتر ماورير بعد عودته من زيارة دامت أسبوعين إلى سورية والعراق وإيران للصحافيين في جنيف إن «صدقية الهلال الأحمر التركي أقرب إلى الصفر وسط السكان الأكراد». وأضاف أن اللجنة تساعد آلاف النازحين المدنيين الذين فروا إلى قرى قرب حلب ولكنها بحاجة للوصول في شكل منتظم إلى عفرين حيث للمدنيين حق الحصول على مساعدات محايدة ومنصفة وحق اختيار إما المغادرة أو البقاء. إلى ذلك، أعلنت «وحدات حماية المرأة» الكردية مقتل بريطانية شاركت في المعارك التي خاضتها ضد الهجوم التركي. وذكرت الناطقة باسم «الوحدات» نسرين عبدالله إن المقاتلة البريطانية آنا كامبل قتلت «في 15 الشهر الجاري في قصف تركي على جبهات مدينة عفرين». وانضمت كامبل المتحدرة من مدينة لويس في جنوببريطانيا إلى صفوف الوحدات الكردية في أيار (مايو) 2017. وأعلنت الوحدات مقتل ثلاثة أجانب في صفوفها، هما الفرنسي أوليفييه فرنسوا جان لو كلانش والإسباني سامويل برادا ليون اللذين قتلا في عفرين، والهولندي شورد هيغر في دير الزور خلال المعارك ضد «داعش».