وسط انقسام بين السوريين حول الموقف من الخطوات التي اعلنتها السلطات ببدء حوار وطني، وقعت اشتباكات أمس بين مؤيدي النظام الذين قالوا إن الخطوات المعلنة يمكن ان تكون بداية انفراج للاوضاع في البلاد، وبين المعارضين، الذين يرون ان توجه السلطات لن يؤدي إلا إلى تعميق الازمة. وفيما أفيد بان 11 شخصا قتلوا وآخرين جرحوا خلال اشتباكات بين أنصار للنظام ومعارضين في حمص وحماه ودير الزور، اصدر مع إصدار الرئيس بشار الاسد عفوا عاما جديدا عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 20 حزيران الجاري. غير ان العفو والاعلان عن اصلاحات لم تقنع دولا غربية بجدية توجه السلطات في دمشق. وقالت كندا إن الخطوتين «لا تقنعان» بجدية الرئيس السوري، بينما اكدت فرنسا مجددا ان «مجلس الامن لا يمكن ان يصمت لفترة اطول» حيال ما يحدث في سورية. وفيما كرر رئيس الوزراء الروسى فلاديمير بوتين، من باريس، موقف بلاده المعارض لاي تدخل في سورية ومؤكدا أهمية وقف العنف وإجراء اصلاحات سياسية، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري إلى «الاسراع في تنفيذ» الاصلاحات التي اعلنها. وقال بان، الذي من المفترض ان تكون الجمعية العامة للامم المتحدة قد صوتت على ولاية جديدة له امس، إن الاصلاحات ينبغي «ان تكون فعلية وذات صدقية... وينبغي ان تكون في اطار عملية واسعة للتغيير ونشر الديموقراطية ولا تستثني ايا من الاطراف المعنية». وعن اشتباكات امس، قال نشطاء إن قوات الامن قتلت بالرصاص 11 شخصا أثناء مواجهات وقعت بين موالين للنظام ومحتجين. وافاد هؤلاء بان المحتجين قتلوا على أيدي قوات الجيش والامن التي تدخلت الى جانب مؤيدي النظام في مدينة حمص وبلدة الميادين في محافظة دير الزور وحماه. وقال عمار القربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سورية إن «الشبيحة» أطلقوا الرصاص على المحتجين في حمص وحماة والميادين. ونقلت وكالة «رويترز» عن مقيم في بلدة الميادين انه «من الصعب قول من الذي بدأ أولا (بالعنف)، لكن ناقلات جند مدرعة تابعة للجيش تحركت وسط تظاهرة (مناهضة للسلطات) وأطلقت النار على الناس. وتأكد مقتل شخص واحد لكن سبعة أشخاص اخرين يعانون من اصابات خطيرة». فيما قال اثنان من المقيمين في حمص إن قوات الامن أطلقت النار على المحتجين الذين نظموا تظاهرة في مواجهة الاجتماع الحاشد المؤيد للنظام. وقال شهود في درعا إن قوات الامن فتحت النار لتفريق الاف من المحتجين في الحي القديم من المدينة الذين نزلوا الى الشوارع في رد فعل ازاء اجتماع حاشد مؤيد للحكومة في «منطقة المحطة» التي قالوا إن موظفين وقوات من الجيش صدرت لهم الاوامر بحضورها. كما تحدث شهود وسكان عن انتشار أمني في حلب وإغلاق للطرق الرئيسية في المدينة. وقال احد السكان ل «رويترز»: «زادت الحواجز على الطرق في حلب بشكل ملحوظ اليوم لاسيما على الطرق المؤدية الى الشمال باتجاه تركيا والى الشرق. شاهدت أفرادا من المخابرات العسكرية يعتقلون شقيقين في الثلاثين من العمر لمجرد كونهما من ادلب على ما يبدو». وقال نشطاء حقوقيون إن العشرات من طلاب جامعة حلب اعتقلوا، كما اعتقل 12 بينهم امام مسجد في قرية تل رفعت القريبة والتي تقع في منتصف الطريق بين حلب والحدود التركية عقب احتجاجات. في موازة ذلك عرض التلفزيون الحكومي لقطات لعشرات الالاف من الاشخاص في وسط دمشق وهم يلوحون بأعلام وصور الرئيس السوري. وافاد التلفزيون الرسمي ان تظاهرات ضخمة اخرى مؤيدة للرئيس السوري نظمت ايضا في حمص وحلب واللاذقية ودير الزور وادلب ودرعا. وأفادت وكالة الانباء السورية (سانا)ان «ملايين السوريين قد احتشدوا... لدعم خطة الاصلاحات الشاملة». إلى ذلك، تواصلت انتقادات المعارضين السوريين لمحتوى خطاب الاسد. وقال المعارض والناشط الحقوقي هيثم المالح ل»رويترز»: «كيف يمكن اجراء حوار في هذه الظروف البائسة مع نظام يواصل القتل والاعتقال التعسفي ضد المواطنين السوريين». فيما قال عادل عثمان الناطق باسم «اللجان التنسيقية للثورة السورية» لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي): «لم نتوقع شيئ كبير من النظام لاننا رأينا افعاله... وضعوا الحل الامني كاولوية وحيدة». ويخشى المتظاهرين والناشطين من الايام المقبلة. وقال احد الناشطين ل»بي بي سي»: «الجمعة المقبلة لن تكون سلمية والايام المقبلة ستكون صعبة». إلى ذلك افاد بيان رئاسي ان الأسد استقبل امس وفداً من أهالي مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب «. واوضح البيان ان الاسد نوه خلال اللقاء ب»شجاعتهم (الاهالي) الكبيرة وحسهم الوطني العالي الذي برز خصوصاً عندما قرروا حماية أبناء بلدهم من القتل رغم مخاطرتهم بحياتهم من أجل ذلك».