تباين أمس، «الإجماع» اللبناني من مسألة ترشيح الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس النيابي المنتخب، في وقت واصل بري تلقي المزيد من برقيات التهنئة بنجاح الانتخابات النيابية، وأبرزها من أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي تمنى للشعب اللبناني «التقدم ودوام الاستقرار والأمن». الجميل وعلق أمس، الرئيس السابق للجمهورية أمين الجميل على اقتراح ترشيح بري لولاية جديدة سائلاً في مؤتمر صحافي: «لا أعرف أين نحن من مبدأ تداول السلطة؟ نحن من المطالبين بتداول السلطة في لبنان. هناك تداول للسلطة على صعيد رئاسة الجمهورية، وهناك مبدأ تداول السلطة على صعيد رئاسة الحكومة، ولا أعرف أين هو تداول السلطة في ما يتعلق برئاسة مجلس النواب، خصوصاً أن تجربتنا مع الرئيس بري لم تكن إيجابية وموفقة، نعلم كيف التزم التزاماً كاملاً وفئوياً مع فريق معين من اللبنانيين فريق 8 آذار، أكان في موقفه من الحكومة السابقة حيث اعتبرها غير شرعية، أم من حيث إقفال مجلس النواب لفترة طويلة، فتجربتنا لم تكن موفقة معه. ونعتبر أن تداول السلطة أساسي ومن صلب نظامنا الداخلي، والرئيس بري هو منذ بداية التسعينات رئيس للمجلس، وأعتقد أن هناك العديد من الطاقات الخيرة في المجلس يفترض أن تعطى فرصة لتتحمل المسؤوليات، هذه وجهة نظري وموقف الكتائب، وأتمنى أن يتفهم حلفاؤنا ذلك، والموقف الأخير سيكون بالتشاور معهم».أما عن البديل فقال: «لا يمكن لبلد أن يقف عند شخص، فإذا أصيب الرئيس بري لا سمح الله بألم في الرأس هل تتوقف الدولة كلها؟ لدينا طاقات خيرة في المجلس يمكن أن تتحمل هذه المسؤولية». وعن موقفه من الثلث المعطل، أكد «نحن مع المشاركة، ولكن لمجرد طرح الثلث المعطل فالنيات ذاهبة نحو التعطيل. فهل من المعقول العودة الى تجربة التعطيل السابقة؟ نحن نريد مصلحة البلد والمشاركة والوحدة الوطنية بعيداً من منطق التعطيل». وقال رداً على سؤال انه ليس بعلمه أن رئيس الهيئة التنفيذية ل «القوات اللبنانية» سمير جعجع «نائب ليترأس كتلة برلمانية، والنواب أحرار في أن يلتحقوا بالكتلة التي تحقق طموحاتهم فهذا موضوع متروك لتكوين الكتل البرلمانية، ولا يحاولن أحد الدخول بيننا وبين «القوات» حلفائنا الأساسيين». وعن طعن سيقدم بنجله النائب سامي الجميل والنائب ميشال المر، رأى ان «هذا متروك للمجلس الدستوري، والحمد لله أننا تمكنا أخيراً من تشكيل هذا المجلس بعد فترة تعطيل طويلة، ونحن خاضعون لقراراته». وعن رئاسة الحكومة العتيدة، رأى ان «من الطبيعي أن يكون النائب سعد الحريري رئيس الحكومة المقبلة، لا ننسى أنه كان المرشح الأول لتشكيل الحكومة الحالية، إنما كانت له ظروف معينة أدت الى اعتذاره، ومن الطبيعي أن يكون صاحب أكبر كتلة برلمانية ومن المتقدمين على صعيد السنة رئيس حكومة، إلا إذا كانت لديه اعتبارات أخرى، عندها تجتمع الأكثرية لاختيار مرشح آخر». حق العودة والحوار واعتبر الجميل ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «أسقط في خطابه في شكل نهائي حق العودة وهذا ما يتناقض مع القرار الدولي 194 ومع كل القرارات اللبنانية والعربية، ويقتضي وقفة مسؤولة لبنانياً وعربياً ودولياً». وقال: «من الضروري على الصعيد اللبناني ان نعود الى طاولة الحوار لبحث هذا الأمر بجدية، لأن لبنان غير قادر على تحمل التبعات، وهذا الموقف يجب أن يكون عملياً وبعيداً من الشعارات، ويجب أن يضع خطة عمل، كما يجب إجراء لقاءات عربية ودولية قبل فوات الأوان. فمسؤولية الوجود الفلسطيني في لبنان هي حتماً مسؤولية لبنانية، إنما مسؤولية عربية ودولية أيضاً». ووصف إعلان نتانياهو «القدس عاصمة أبدية لإسرائيل» بأنه «أمر خطير يتناقض مع كل المبادئ الدولية، ونحن اللبنانيين والمسيحيين نعتبر أن القدس يجب أن تكون عاصمة أبدية لكل الأديان وليس إطلاقاً لدولة إسرائيل، فهذا يتناقض مع القرارت الدولية ومع اقتراح الفاتيكان أن تكون القدس عاصمة مفتوحة لكل الأديان. وهذا الموضوع يستحق وقفة مسؤولة لبنانياً، مع طرح إمكان عقد مؤتمر إسلامي مسيحي ويهودي لاتخاذ موقف واضح، ووضع خطة عملية لمواجهة هذا الإعلان، خصوصاً أن هناك خطة إسرائيلية لتهويد القدس». وعن «تناول نتانياهو الوضع في لبنان»، رأى «ان محاولاته خلق بلبلة وصب الزيت على النار وتأجيج الصراعات الداخلية تخيفنا، لذلك يقتضي أن نتفهم أن الصراعات الداخلية لا يستفيد منها سوى العدو، وتعزز مسار التوطين على الساحة اللبنانية، ويجب أن نمنع على إسرائيل أي ذريعة يمكن أن تستفيد منها للإضرار بالمصلحة الوطنية». أما عن سلاح «حزب الله» فأكد «ان لدينا موقفاً لن نسترسل فيه، إنما من مصلحة الحزب معالجة هذا الموضوع في إطار المصلحة الوطنية العليا، وبينت الأحداث أن ما من سلاح خارج يد الشرعية إلا جلب الويلات على البلد. ولذلك من الضروري أن يكون السلاح في يد الشرعية اللبنانية، أي الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وكل ما هو خارج هذا الإطار جلب الويلات والتشنجات والصراعات بين معظم الأطراف اللبنانيين». واعتبر ان موقف أحد المسؤولين في الحزب القائل: «أنا مسلح فأنا موجود» هو «منطق يفتح مجالاً للكتائب أيضاً لتقول أنا مسلحة إذاً فأنا موجودة، وأي طرف يمكن أن يعتمد المبدأ نفسه، وبالتالي يفتح مجالاً لكل الأطراف ليكونوا مسلحين، فإلى ماذا يؤدي هذا الأمر بالبلد وبالوضع والسلام اللبناني»؟ جعجع: مفتاح الثلث المعطل مع الرئيس من جهته، كشف جعجع عن «أن الكثير من قواعدنا الانتخابية غير راضية عن طريقة إدارة المجلس النيابي في الأربع سنوات الماضية انطلاقاً من هنا سنطرح ملاحظاتنا خلال هذا الأسبوع وقبل انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب»، لافتاً الى أن «القوات ستؤيد أي مرشح لهذا المنصب يتبنى هذه الملاحظات». وأكد جعجع رفض «القوات» للثلث المعطّل، وقال: «وفي الوقت نفسه، لا نؤيد تحكّم الأكثرية بكل الأمور»، مجدداً «التأكيد على ضرورة أن يكون «مفتاح الثلث المعطّل في يد رئيس الجمهورية الذي يجهد أن يكون في موقع وسطي بين كل الأفرقاء». وقال: «في ظل الأجواء الإقليمية السائدة والاتصالات الحثيثة بين كل الأفرقاء وتكثيف الجهود في إطار حلّ المشكلة الفلسطينية، يحق للشعب اللبناني أن يتنعم بالهدوء، وأن تنصرف الدولة بكل مؤسساتها للتفكير في شؤون المواطن ما لم نشهده في السنوات الثلاث الماضية». وأضاف قائلاً: « نحن كسياسيين ورؤساء أحزاب علينا أن نسعى لتبقى الأجواء هادئة وألاّ تتشنج من خلال اطروحات غير ملائمة للمرحلة الجديدة». وذكّر «قادة 8 آذار وفي مقدمهم السيّد حسن نصرالله الذين طالبوا في العامين 2006 و2007 بالتوجُه الى انتخابات مبكرة في حال لم تعط الثلث المعطل في الحكومة وأنه مهما تكن نتائج هذه الانتخابات فليُشكّل فريق الأكثرية الحكومة كما يريد». وأكد أن نتائج الانتخابات «غير قابلة للشك والتمييع كونها واضحة وحاسمة لجهة الأكثرية، من هنا أتمنى أن تتألف الحكومة كما يجب أن تكون». وعن نتائج الانتخابات الإيرانية، اعتبر جعجع «أن إعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد لها تأثير على لبنان وعلى المنطقة بأكملها ولكن لا نعرف الى أي حدود». وعن إعلان النائب المنتخب سليمان فرنجية أن المعارضة لن تشارك في حكومة لن تحصل فيها على الثلث المعطّل، تمنى جعجع «أن يتمثل كل الفرقاء داخل الحكومة المقبلة»، مستغرباً «ربط هذا الشرط بالمشاركة أو عدمها». وقال: «إن تركيبة الثلث المعطل نلجأ إليها في ظروف استثنائية مثل 7 أيار وما شابه وليس استخدام هذا الثلث في كل الأوقات، إذ أن هذا الأخير يخص المستوى السياسي وليس مستوى الطوائف الكبرى في البلد». وعمّا إذا كان النائب سعد الحريري يمثل قوى 14 آذار في الحوار القائم بينه وبين السيّد حسن نصرالله حول سلاح «حزب الله»، أكد جعجع ان الحريري «يتباحث مع نصرالله في هذا الاتجاه بما يتلاءم مع موقف 14 آذار الموحّد». ورأى ان خطاب نتانياهو «دليل ساطع على الضغط الجديد لقيام الدولة الفلسطينية»، لافتاً الى «ان نتانياهو لم يعنِ في خطابه كل ما قاله ولكنه يريد تعزيز موقعه في المفاوضات». زيارات ل«التنمية والتحرير» من جهته، اعلن النائب المنتخب هاني قبيسي «ان كتلة التنمية والتحرير ستشكل هذا الأسبوع وفوداً لزيارة الفاعليات والكتل النيابية بغرض تأمين الأجواء الملائمة لانتخاب رئيس المجلس النيابي». وأشار الى «ان تسمية بري رئيساً للمجلس لم تخرج بعد من إطار إعلان مواقف التأييد ولم يتم إبلاغ كتلة التنمية والتحرير بهذا الأمر عبر الكتل النيابية»، وتوقع «اعتراض بعض الأصوات غير المؤثرة في المجلس النيابي حول هذا الموضوع». واعتبر «ان تسمية رئيس الحكومة أمر سابق لأوانه، فالاستحقاق الأول هو انتخاب رئيس المجلس».