غوفيتشي (تركيا) - أ ف ب - بادر شباب سوريون، على رغم المخاطر التي تهدد حياتهم، الى تأسيس مركز إعلامي قرب الحدود التركية لإطلاع العالم على القمع الجاري في بلدهم حيث تفرض قيود على حركة الصحافيين. وفي المركز، الذي هو عبارة عن غرفة صغيرة في مكان سري قريب من الحدود التركية - السورية، يجمع المعارضون الصور والأشرطة التي يرسلها المحتجون من مختلف المدن السورية، ويقومون بنشرها عبر الانترنت. وكل ما يملكونه هو جهاز تلفزيون وطابعة وأربعة اجهزة كومبيوتر محمولة وهواتف جوالة واتصال بالانترنت. وقد علمتهم تجربتهم انهم قد يدفعون حياتهم ثمناً لتسجيل وقائع القمع، ومن بينهم حسين الذي شاهد أخاه يقتل اثناء تصوير تظاهرة. ويقول حسين ان تلك الواقعة الأليمة زادت من تصميمه على التحدي. ويروي كيف اطلقت قوات الامن «النار بدم بارد على المحتجين السلميين. كان اخي يصور الحدث عندما قتل. انه بطل لأنه اصيب وهو يصور». مضيفاً: «لقد ضقنا ذرعا بالقمع والفساد والفقر». ويعمل نحو 30 شاباً في المركز الصحافي، ومعظمهم من مدينة جسر الشغور في شمال غربي سورية، التي شهدت حملة قمع دامية تسببت بنزوح الآلاف الى تركيا التي تبعد عنها اربعين كيلومتراً. وينشر الشباب افلام الفيديو والصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل «يوتيوب» و «فايسبوك» و «تويتر». ويقول جليل الناشط الآخر في المركز: «بما ان الحكومة تمنع الصحافيين الاجانب من تغطية الاحداث، فقد اصبح الشباب صحافيين بحكم الامر الواقع في كل مدينة. بعضهم يصورون اشرطة فيديو وآخرون يجرون مقابلات وينشر بعضهم ما يصورونه عبر الانترنت». وبين الشباب نجار يدعى جهاد في الثامنة والعشرين من عمره، يقول موضحاً ان «مهمتي ارسال اشرطة الفيديو التي تصور ما يحصل في المدن السورية الى محطات التلفزيون عبر يوتيوب. هي تظهر ما تفعله اجهزة الامن والاحتجاجات، وكل شيء». ويضيف: «انا اخشى على حياتي، ولذلك اخفي وجهي. ولكنني لا افعل شيئاً مخالفاً للقانون. انا انقل فقط ما يحصل. لست ارهابياً ولا مسلحاً. انا فقط واحد من الشباب المنادين بالحرية». وكان المركز الاعلامي يرسل في البداية صوراً وأشرطة عن الاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات، ولكن مع ازدياد حدة القمع بدأ الناشطون ينشرون أنباء عن القتلى والجرحى. ويقول جليل: «نحن ننقل وجهة نظر الشارع السوري عما يحصل». وقطعت الحكومة كل قنوات الاتصال لمنع نشر اشرطة الفيديو والصور عبر الانترنت، ونجح الناشطون في الالتفاف على المنع ولكنهم يرفضون الكشف عن كيفية القيام بذلك. ويقول جليل ان «النظام يعتبر اي نشاط خارج عن سيطرته عملاً ارهابياً. الحكومة تعتبرني الآن مثل (اسامة) بن لادن»، زعيم تنظيم «القاعدة» الراحل. ويروي جهاد كيف نجح في الإفلات من قبضة اجهزة الامن. ويقول: «لقد جاؤوا الى منزلي لاعتقالي. نبهتني زوجتي فصعدت الى السطح، ثم قفزت الى سطح آخر وهربت». ويؤكد جهاد ان القمع الدامي ادى الى تجذير حركة المعارضة. ويوضح: «في البدء كان هدفنا كشباب هو فقط الحصول على الحرية. ولكننا اليوم نريد اسقاط النظام، لقد فقدنا كل ثقة بهم». ويؤكد الناشطون حرصهم على سلامتهم وعلى سرية نشاطهم. ويقول حسين: «علينا ان نعمل في مكان سري لأن الحكومة بدأت تستهدفنا ما إن ادركت ما نحن فاعلون. يريدون اعتقالنا ورمينا في السجن». وتقول منظمات غير حكومية ان اكثر من 1300 مدني و340 من قوات الامن قتلوا في اعمال العنف منذ بدء حركة الاحتجاجات في سورية في منتصف آذار (مارس) الماضي. كما اعتقل حوالى 10 آلاف شخص.