استبعدت وزارة الثقافة التونسية المغنّي لطفي بوشناق من افتتاح الدورة الجديدة لمهرجان قرطاج الدولي (الثاني من الشهر المقبل)، واستُبدل بمجموعة من مغنّي الراب الذين ساهموا بفنّهم في الثورة التونسية، بعدما كانت أعلنت الوزارة سابقاً، أنّ بوشناق سيفتتح النسخة الأولى من المهرجان بعد الثورة. ووجهت انتقادات لاذعة الى الوزارة من نقاد ومثقفين وفنانين، بعدما اختارت بوشناق لافتتاح المهرجان، وصدرت بيانات عدّة شجبت هذا القرار، منادية بإفساح المجال أمام فرق موسيقية وفنانين قمعوا خلال فترة الحكم السابق برئاسة زين العابدين بن علي. ويرى كثيرون أن بوشناق نال أكثر من حقه وأنه احتكر الساحة لسنوات طويلة، ويجب أن تمنح الفرصة لأسماء أخرى عانت القمع والتعتيم، خصوصاً من جيل الشباب. ويشير الصحافي التونسي شكري الباصومي الى أنّ «بوشناق دعمته وسيلة زوجة بورقيبة أول رئيس لتونس بعد الاستقلال، ثمّ إنه احتكر الساحة الفنية مستغلاً قرابته بالسلطة، كما استقوى ببعض الأمراء». وعلى رغم أنّ بوشناق أكد غير مرة أنه لم يمجد الرئيس المخلوع بل ويتحدى من يمكنه أن يثبت أنّه غنّى له في شكل مباشر، إلاّ أنّ الباصومي يضيف أنّ «المسألة لا تتعلق ببن علي، فالقاصي والداني يعرف أنّ بوشناق لبس «جبّة» أوسع منه وأوهم الجميع أنّه مطرب ينزع نحو الالتزام، لكنه في المقابل أكثر الموسّمين بمناسبة وغير مناسبة في عهد الرئيس المخلوع...». وبعد عدد من الانتقادات اضطرت الوزارة الى تعديل قرارها، بعدما أصدرت النقابة الوطنية للمهن الموسيقيّة بياناً عبّرت فيه عن استغرابها الشديد من القرار الذي «يحمل في طياته من الاستفزاز الشيء الكثير». وأشار البيان الى أنه وبغضّ النظر عن القيمة الفنية للمطرب التي ليس لأي كان إنكارها أو التشكيك فيها، إلا أن الظروف والتحولات التاريخية التي تمر بها البلاد تجعل من المستهجن أن يقع الاختيار على فنان تتغير مواقفه مع تغير الأحداث والمكان وموازين القوى ليحيي الثورة في أول نسخة لمهرجان قرطاج ما بعد الثورة...؟ وأضاف البيان: «كانت النقابة دوماً رافضة لمبدأ الإقصاء والتهميش الذي طالما شمل كل الموسيقيين حيث استنكرنا الحملة الشعواء التي جعلت من الفنان التونسي كبش فداء في أولى فترات ما بعد 14 كانون الثاني (يناير)، إلا أننا نجد من غير المعقول أن يلعب من أخذ فرصته كاملة في العقود الماضية مرة أخرى دور البطولة في هذه المرحلة التي تقتضي ضخ دماء جديدة في المشهد الثقافي التونسي...». وطالب البيان كل من ساهم في هذا الاختيار المريب بأن يقوم بمراجعته فوراً حماية لمبدأ القطع مع تكريس السائد في هذا الظرف الاستثنائي الذي يتزامن مع حساسية مفرطة إزاء كل ما من شأنه أن يذكر بقرطاج «الفرح الدائم» وحماية أيضاً للفنان لطفي بوشناق الذي لا مانع من رؤيته في أطر أخرى تختلف عن افتتاح مهرجان قرطاج بما لهذا الحدث من رمزية، وتعفيه من أي اقتران بالنفوذ والسلطة قديماً وحاضراً. وكان بوشناق فوجئ بقرار الوزارة الذي قرأه في الشريط الإخباري على قناة «العربية» بعد عودته من دبي وأكد أن القرار يخص وزارة الثقافة وحدها وأنّ «من يحتجّ على هذا القرار من حقه أن يتصل بالوزارة». وتأتي خطوة الوزارة في استبعاد بوشناق استجابة لحملة النقابة التونسية للمهن الموسيقية وشباب «فايسبوك» التي طالبت باستبعاده، على خلفية مناشدته الرئيس التونسي المخلوع بن علي الترشح للرئاسة لعام 2014.