بينما يصبغ الصيف على الإنسان نوعاً من الخمول والركون إلى البقاء داخل حجرات البيت أو الدراسة أو العمل خلال ساعات النهار، يبدو أن الشمس الملتهبة تمنح «السٌميات» طاقتها القصوى، الأمر الذي يخشى سكان المناطق الحارة عواقبه الوخيمة جراء مداعبات غادرة من عقرب أو ثعبان، نادراً ما تتدارك لدغاتها في المستشفيات وغالباً ما تسبق الأنفاس الأخيرة «مصل المنقذ». ولا يبدي الخبير في علم السٌميات الدكتور عبدالله العابد استغراباً من خروج العقارب والثعابين بشكل مكثف خلال موسم الصيف بل ويعده أمراً اعتيادياً في تعاملها مع فصل الصيف الذي يمتاز بشدة الحرارة. وأكد أنه لم تكد تبرح الثعابين والعقارب جحورها خلال جميع فصول السنة، لكنها ما إن يعلن الصيف مجيئه حتى تبدأ في الهرب (وفق وصفه) من أماكنها التي تزداد سخونة عن الخارج بمراحل عدة، ملمحاً إلى أن غالبية الإصابات التي يتعرض لها الإنسان تأتي من العقارب، نظراً إلى صغر حجمها وسهولة تخفيها خلف الصخور والأمتعة وخشاش الأرض. وعدد «النيبو، العربية، فاشون، السوداء، الصفراء، الجزار» من أنواع العقارب الموجودة في السعودية، مشيراً إلى أن أخطر تلك الأنواع من حيث السمية هي العقرب السوداء، وفي الجانب الآخر يأتي ثعبان «الصلال» (المتعارف عليه ب «الكوبرا») أخطر أنواع الثعابين، إذ أثبتت آخر الدراسات العلمية أنه يتسبب في وفاة 10 في المئة ممن يتمكن من لدغهم. وأوضح العابد أن «الصلال» الكبير شديد السمية وغالباً ما يتركز تأثير السم على الجهاز العصبي للإنسان، ويصاحب لدغه عادة تورم وألم في مكان العضة، كما يعمل السم على شل المراكز العصبية التي تتحكم في الجهاز التنفسي وحركات القلب. ووفقاً للحالات التي عمل على متابعتها من خلال موقع عمله، أفاد الممرض في «صحة الباحة» فايز الزهراني أن حالات الإصابة بلدغات العقارب أو الثعابين تزداد خلال فترة الصيف أكثر من أي فترة أخرى، مبيناً أن غالبية الإصابات بلدغات سامة يتحمل ثمنها الصغار لكونهم يلهون على غير هدىً منهم ويحبون الاستطلاع من دون أخذهم في الحسبان لعقرب تختبىء هنا أو ثعبان يترصدهم هناك. ومن جانب آخر، حذر الطبيب في «صحة جدة» رامي بادويلان من المعتقدات الخاطئة التي يلجأ إليها بعض من أصيبوا بلدغات سٌمية وصفها ب «الأشد خطراً من لدغات العقارب أو الثعابين»، وذلك بربط العضو المصاب اعتقاداً منهم أن هذ الإجراء يخفف من حدة الألم بقدر ما يؤدي إلى بعض المضاعفات الخطرة التي قد تؤدي إلى بتر العضو المربوط. وأردف: «إن استخدام الأدوات الحادة في «تشريح» العضو المصاب أمر خاطئ وغير مجد لما يسببه من انتشار للسم في الجسم وبالتالي يفضي إلى حال من التعفن»، رافضاً في الوقت ذاته أن يتم شفط الدم من الجزء المصاب من طريق امتصاصه بواسطة شخص آخر لما قد يسببه من تسمم للأخير. وحول الطرق العلاجية من لدغات السميات، أبان بادويلان أن المريض يتم إعطاؤه «مصلاً» واقياً يسهم في مساعدته على التخلص من السموم التي ولجت إلى داخل جسده، مقللاً من فعالية الخلطات الشعبية أو الأدوية البدائية التي لا تستند إلى أسس علمية أو عملية يمكن الاعتماد عليها. وطالب أهالي المتعرضين لتلك اللدغات بالذهاب بالمريض إلى أقرب مستشفى في أقصى وقت ممكن، مؤكداً أن وصول المريض للمستشفى خلال مدة لا تزيد على 30 دقيقة يساعد على معالجته قبل انتشار السم في أنحاء جسده. وشدد على ضرورة اتخاذ التدابير الوقائية من سكان المناطق ذات الحرارة المرتفعة مثل لبس الأحذية التي تغطي القدم ككل وتجنب الخروج في المخيمات البرية صيفاً، إضافة إلى أهمية تحذير الكبار والصغار من ظهور هذه السميات خلال هذه الأوقات من العام.