لم تكن الخطوة، التي اتخذها وزير الثقافة والإعلام الأسبق الدكتور عبدالعزيز خوجة مطلع آب (أغسطس) من العام 2010، في حق صديقه الدكتور غازي القصيبي، حين فك القيد عن بعض مؤلفاته الممنوعة من التداول والنشر، سوى مقدمة لمرحلة مختلفة سبقتها كثيراً من العقبات والمصاعب التي وقفت في وجه أبي سهيل، لا لكونه مختلفاً فقط، بل لأنه ينظر إلى حياة فكرية وثقافية مختلفة تنشد الكمال، لتتم وزارة التعليم أول من أمس (الإثنين) وبعد حوالى 8 اعوام، هذه الخطوة بإعلان إدراجها كتاب القصيبي «حياة في الإدارة»، ضمن مادة المهارات الإدارية لطلاب التعليم الثانوي. عانت كتب الوزير الشاعر المثقف الأديب، على مدى 20 عاماً من التضييق والمنع، قبل أن يفرج عنها خوجة، لينتصر الأخير لواحد من أبرز كتَّاب وأدباء السعودية ومفكريها، الذي كان مشاغباً فكرياً وصدامياً من الدرجة الأولى مع الفكر أحادي الاتجاه، ليخرج إلى العلن كتابه محط الأنظار أخيراً «حياة في الإدارة»، وهو يتناول تجربته وسيرته الذاتية الوظيفية حتى تعيينه سفيراً في لندن، لينضم إلى أكثر من 60 مؤلفاً متنوعاً. قرار الوزارة الأخير كان محل اهتمام الرأي العام، وحراكاً نحو التغيير الذي تنشده المملكة أخيراً لتحقيق رؤية 2030، ويبدأ تدريسه مطلع العام المقبل، ليطلع الطلبة على أحد أهم الكتب التي تناولت علم الإدارة، من خلال الحياة الواقعية، إذ يعكس هذا المنتج الضخم فكرياً الانتماء إلى الوطن، وكان وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى دشن مشروع إقرار كتاب «حياة في الإدارة»، وأهداه إلى طلاب المرحلة الثانوية ضمن مادة المهارات الإدارية. ويعد الكتاب ترجمة ذاتية للقصيبي، يتناول سيرته منذ مراحل التعليم الأولية، حتى قرار تعيينه سفيراً في لندن العام 1992، ويروي من خلاله تجربته وطريقة إدارته المناصب التي تولاها، ويحكي مواقف وطرائف وعقبات واجهها، ومنها يستخلص بعض التوجيهات للإداريين عامة وللشباب خصوصاً، وفيه يذكر أن «أي نجاح لا يتحقق إلا بفشل الآخرين، هو في حقيقته هزيمة ترتدي ثياب النصر». ينبئ التغيير الأخير عن وجود انفراج في تغيير المناهج الدراسية التي عانت من الجمود سنوات طويلة في المدارس السعودية، واختيار كاتب سعودي وكتاب بحجم «حياة في الإدارة»، يشير إلى أن المقبل سيكون مفاجئاً، وسيغير بوصلة المناهج، التي لم تتغير منذ عقود، والإقرار الأخير تكريم لحياة كاتب ناضل من أجل الفكر وتطويره. وتناولت وسائل التواصل الاجتماعي القرار الأخير باهتمام كبير، فرأى فيه مغردون أنه «خطوة تصحيحية طال انتظارها»، فيما أشار آخرون إلى أن فكر القصيبي «شبابي تحتاج إليه المرحلة الحالية والمقبلة أيضاً، وإدخال مؤلفه في المناهج الدراسية يدلل على التطور المتسارع الذي تشهده المملكة». وكان القصيبي ولسنوات عدة، محط اهتمام الشباب، والمتحدث الرسمي بالإنابة عنهم، والمدافع القوي عن شخصياتهم، كان أهمها رده الصادم في وجوه رجال أعمال اتهموا الشباب السعودي بالتكاسل وعدم حب العمل، فكان رده بأن المتحدثين سعوديون أيضاً، فلماذا تفوقوا في حين فشل الشباب السعودي؟ لينال تأييداً وتشجيعاً جعلاه «وزير الشباب بلا منازع». يعد كتابه «حياة في الإدارة»، من أهم الكتب السلسة التي تتمتع بميزة السهل الممتنع، إذ يختصر في كل باب من أبوابه تجربة سعودي في الإدارة، وكيف يقضي على العراقيل التي تواجهه ليحقق أهدافه، ومن المتوقع أن يجد كتابه رواجاً أكبر بعد دخوله ضمن كتب المناهج الدراسية، التي كان يكتب معظمها ضمن لجان، ولاقت المناهج أكثر من مرة انتقادات، بيد أن الإقرار الأخير أعطى بصيص أمل في التجديد، الذي سيطرأ على التعليم مستقبلاً.