وسط بحر شاسع من الكثبان الرملية في صحراء النفود الكبرى، تنتشر في موقع الرغيفيات آبار مياه قديمة، كانت فيما مضى مورداً لمواشي أهالي البادية الذين يقصدون هذا الموقع في طريقهم للترحال من الشام والعراق إلى حائل مروراً بمدن وقرى الجوف. ولا يجزم سعيّد الفرو الرويلي بتاريخ محدد لهذه الآبار التي يصل عددها إلى ثماني آبار، فهو ورث إحداها عن أبيه الذي ورثه بدوره عن أجداده الذين نقلوا إليه أن تلك الآبار قد لعبت دوراً اقتصادياً واستراتيجياً مهماً في حقب زمنية قديمة. وقال ل«الحياة» إنه لم تتبقَ المياه إلا في ثلاث آبار فقط، وأضاف: «كنا إلى ثلاثة أعوام «نروي» إبلنا من بئر معروفة باسم جدنا الخامس مظهور، عمقها نحو 70 متراً، ويمتد تاريخها إلى مئات السنين، حتى عمل الأمير عبدالعزيز بن فهد من حسابه الخاص بئراً قريبة من بئرنا تُستخرج المياه منها بواسطة محركات حديثة». الرويلي الذي يسكن في مدينة سكاكا ظل حريصاً على الوجود في موقع الرغيفيات (100 كيلو متر جنوبسكاكا)، ليس فقط لأن الحنين إلى الماضي صفة أصيلة لدى أهالي البادية، بل رغبة في حفظ ما يعتبره حقاً لعائلته. فهو وإن كان يقطع تلك المسافة بصورة منتظمة، إلا أنه مصرٌّ على تملّك البئر، وأضاف: «قدمت قبل نحو خمسة أعوام إلى محكمة دومة الجندل بطلب استخراج حجة استحكام على البئر باسم مورثنا، وكان رد المحكمة بأن استخراج حجج الاستحكام في المواقع العامة موقَف حالياً». وعلى رغم ذلك فهو يعتز بوجوده في الموقع، ببيت شعر يرفرف في أعلاه علم المملكة العربية السعودية، ويجمع فيه كل فترة وأخرى جماعته، ليذكرهم بتاريخ آبائهم وأجدادهم، ومدى الصعوبات والمخاطر التي تكبدونها. من جانبه، أرجع باحث الآثار والمؤرخ عواد فالح العواد الفترة الزمنية التي أوجدت فيها تلك الآبار إلى فترة ما قبل الميلاد، وقال ل«الحياة» إن البحوث الأثرية أشارت إلى وجود نقوش وحلي ترجع إلى تلك الفترة الزمنية.