يبدو أن المقولة الشهيرة «اتفقوا على ألّا يتفقوا» ليست حكراً على الساسة، إذ توغلت في المشهد الرياضي عبر عميد الأندية السعودية، الذي تغلفت سماؤه بخلافات من ثلاث جهات «متناحرة»، ومهما حاول الكثيرون إخفاء التناحر، فإن ما تُكنه الصدور تكشفه الأعين، فأيام الصيف عند الاتحاديين حبلى بالمشكلات المالية والإدارية تارة، ومشكلات النفوس التي تتضح جهاراً من خلال لقاءات إعلامية تكشف عن المستور تارة أخرى. وبالعودة إلى التاريخ فإن النادي العتيد كان يصارع في حقبته الأولى، منذ مؤسسه الفعلي والحقيقي حمزة فتيحي وحيداً، ومن بعده تولى المهمة الأمير طلال بن منصور الذي تفرّد بخدمة الكيان بعيداً من دعم واهتمام تُجار جدة الذين غابوا عن الدعم في تلك الفترة، وحتى قيضّ لهذا النادي وجود شخصية داعمة تتمثل في ما سمي حينها بالعضو الداعم في إشارة إلى «عبدالمحسن آل الشيخ» باستقطاب من العضو الفعال أكثر من أربعة عقود «أسعد عبدالكريم»، ليضع الفريق بصمته محلياً وإقليمياً وقارياً، ونجح حينها في تحقيق بطولات عدة، ليأتي العضو الشرفي منصور البلوي ويُسهم في منجزات مماثلة. حتى تلك الفترة لم تخلُ من خلافات دارت في الغُرف المُغلقة بين الفينة والأخرى، كان أبرزها ما ولد مقولة رئيس الهيئة الشرفية الأسبق إبراهيم أفندي بعد الرباعية الشهيرة في إدارة أحمد مسعود «من يدفع مليوناً كمن دفع ريالاً»، ما أغضب الداعمين، ليغادر بعدها «أفندي الاتحاد» المشهد بأكمله. لكن مركب العميد لم يهتز، إذ استمر الداعمون في مد يد العون، واستمرت معهم البطولات واحدة تتبعها أخرى، وعاش الاتحاديون أجمل فتراتهم بمشاركتهم في بطولة العالم للأندية بعد بطولتين، واحدة قارياً وأخرى عربياً، فضلاً عما تحقق في الاستحقاقات المحلية. إقالة رئيسهم السابق منصور البلوي بقرار غير معلن رسمياً قصمت ظهور الاتحاديين، إذ تولى المهندس جمال أبوعمارة المهمة وأكمل ذلك الموسم، وجاء من بعده الدكتور خالد المرزوقي، والمهندس إبراهيم علوان، واللواء محمد بن داخل، والمهندس محمد فايز، وبعد استقالته تولى عادل جمجوم المهمة حتى انتخب إبراهيم البلوي في جمعية عمومية غير عادية رئيساً. ستة رؤساء تولوا المهمة في ستة أعوام شهدت خلافات واسعة النطاق و«ضرباً من تحت الحزام» ما أجبر أعضاء شرف على الإعلان بصراحة أن ثمة من يبحث عن مصلحته فقط في النادي الذي اقترب من عامه التسعين. واليوم لم ينفصل تاريخ الاتحاد عن سابقه، فمازال الخلاف حاضراً على الملأ، فالرئيس المُنتخب إبراهيم البلوي يواجه حرباً شرسة ربما تُطيح به في نهاية الموسم الجديد في أبعد تقدير، إذ قاطع التصويت أعضاء شرف وعاملون يحق لهم التصويت في الجمعية العمومية غير العادية، ما دفع إلى إلغائها بحجة عدم اكتمال النصاب القانوني في حال فريدة بين الجمعيات العمومية المماثلة سواء أكان في الاتحاد أم في بقية الأندية، ليؤجل التصويت على أعضاء مجلس الإدارة الجديد بعد حلّ المجلس السابق بقرار من الرئيس العام لرعاية الشباب في منتصف نيسان (أبريل) الماضي، وعلى رغم رفض البلوي فرضية التقصد في المقاطعة، ملتمساً في الوقت ذاته العُذر للغائبين فإن الخلافات بينه وبين آخرين أصبحت واقعاً مفروضاً. ويُمني الاتحاديون النفس بإتمام عملية الانتخابات بعد أن حددت الرئاسة العامة لرعاية الشباب موعدها الجديد في الثامن من حزيران (يونيو) الجاري، بعد أن قُلص النصاب إلى 98 مصوتاً من أصل 384 يحق لهم التصويت، أي أقل من ربع عدد المصوتين، وأكد مدير مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب في جدة أحمد روزي أنه في حال تكرار عدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاد الجمعية العمومية غير العادية المقبلة فسيحال إلى الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل للتوجيه، وأشار إلى أن رئيس نادي الاتحاد لم يطلب منهم رسمياً السماح له بالتعاقدات، وقال: «في حال الطلب الآن نحتاج إلى الرفع للرئيس العام أو وكيله للاستثناء، أعتقد أن موعد الجمعية قريب، وربما تأتي الموافقة متزامنة معه في حال طلب رئيس نادي الاتحاد ذلك». من جهته علق عضو الشرف فيصل الدهيسي على ما حدث في عمومية النادي الأخيرة، مؤكداً أن ما حدث في عمومية الاتحاد لا يرضي جمهوره ولا يواكب تطلعاتهم، واصفاً إياه بالمفاجأة، وأرجع الدهيسي عدم التوافق بين الاتحاديين إلى «التحزبات»، وقال: «مؤسف أن تظهر التحزبات والتكتلات في الاتحاد من دون النظر إلى مصلحة النادي، يجب إيجاد توافق على رئيس النادي الحالي إبراهيم البلوي، فهو الرجل المناسب في المكان المناسب ويجب أن نعطيه فرصته في العمل». وفي رده على موقف بعض مقاطعي الجمعية لعدم أهلية المُرشحين، أشار الدهيسي إلى أنه من غير المنطقي الحكم وتقييم أشخاص لم يمارسوا العمل بعد، وأضاف: «إدارات نادي الاتحاد على مرّ تاريخها أبرزت أسماء كثيرة قدمت للنادي الكثير من خلال المهام التي أوكلت إليها، حقيقة الأمور عادت إلى نصابها على حد كبير بعد ترأس إبراهيم البلوي، فالرواتب صُرفت والمكافآت كذلك، كما عادت الروح إلى اللاعبين، وأطالب أن يتكاتف الجميع ويتعاونوا معه لأجل الاتحاد وإبعاد النادي عن الحزبية والنظر إلى الاتحاد بوصفه كياناً لا إلى الأشخاص».