واجهت الدعوة إلى الالتحاق بالمراكز الصيفية في جدة عزوفاً مدقعاً من المستهدفين بها خصوصاً الطلاب الذين أبدوا امتعاضاً من روتينيتها وعدم تجدد فعالياتها، على رغم الإعلانات والدعايات السابقة لانطلاقتها. وبحسب الطالبة ندى محمد، أن أسباب العزوف عن تلك المراكز تعود إلى قصر فترة الإجازة، وضياع بدايتها في الغالبية في أمور التقديم إلى الكليات أو على الوظائف المعلنة وانتظار النتائج، والبقية منها تذهب في حضور مناسبات الأفراح التي ما إن يتم الفراغ منها حتى يحل شهر رمضان ذو الطابع الخاص. وأبانت زميلتها عبير العبدالله أن المراكز الصيفية لا تحمل جديداً، وأنها في الغالبية لا تكون بمستوى الإعلان المنشور عنها والدعاية لها من طريق البروشورات التي تملأ الشوارع والأمكنة، أو الرسائل الهاتفية التي تتحدث وتدعو للمشاركة والتسجيل في هذا المركز أو ذاك!. ويأتي حديث ندى وعبير، في الوقت الذي أوضحت فيه مديرة أحد المراكز الصيفية غراس.م في حديثها إلى «الحياة» أن استغلال أوقات الطلاب وشغلها بما يستهويهم ويملأ فراغهم بالنافع أمر بحاجة إلى كبير عمل وعظيم جهد، ومما سعينا ونسعى إليه عند كل بارقة إجازة إيماناً منا بأن إصلاح هذه الفئة وتوجيهها للخير هو مراهنة على صلاح المجتمع بأسره «وهذه رسالتنا». من جانبه، انتقد الباحث وعضو هيئة التدريس بقسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود وليد العبدالرزاق بشدة المراكز المعتاد تنظيمها سنوياً في الفترة الصيفية، واتهمها بمحدودية فائدتها، نظراً إلى تكرار محتواها وروتينية برامجها وتقليدية فعالياتها. وقال ل «الحياة»: «السؤال الذي يجدر طرحه هنا، ما هو دور المجتمع بمؤسساته الرسمية وغير الرسمية في مشاركة الأسرة في عملية توجيه الشباب ودعمهم حتى يستغلوا العطلة الدراسية بشكل أمثل ومفيد؟، وهل الجهود المبذولة من قبل المؤسسات أو الجهات الحكومية المهتمة بالمهرجانات والأنشطة الشبابية الصيفية حققت أهدافها؟»، مجيباً: «لا شك أن هناك جهوداً جبارة وداعمة للأسر من أجل استغلال تلك الأوقات فهناك مهرجانات وأنشطة ومسابقات متنوعة تهدف إلى جلب الشباب وحثهم على المشاركة حتى يتم إشغالهم بالمفيد، لكن ما نراه هو أن كل تلك ما زالت قاصرة وغير مدروسة لأنها تفتقد التنسيق وتتم بشكل عشوائي، كما أن الأنشطة المقدمة في المراكز الصيفية تقليدية، ما يجعلها أقل فائدة وبالتالي يحجم الشباب عن حضورها والمشاركة فيها، بسبب أنها لا توازي تطلعاتهم ولا تتناسب مع إمكاناتهم وقدراتهم، وهذا ما يتأكد كل سنة، إذ نجد أن تلك المهرجانات والأنشطة تتكرر بالطريقة والأسلوب نفسه، فلو أن القائمين على تلك الأنشطة والبرامج استغلوا الدراسات التي تم إجراؤها من قبل الباحثين المختصين وكانت هناك جهود تنسيقية معهم لكانت تلك الفعاليات أكثر جاذبية». واختتم العبدالرزاق حديثه: «أعتقد أن تلك الأنشطة والبرامج ستأتي ثمارها وستكون أكثر جذباً، إذا استمدت من رغبات الشباب وتطلعاتهم». في المقابل، كشف الباحث وعضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود وليد العبدالرزاق تبايناً بين الأسر في عملية استغلال الإجازة وتنظيمها للأبناء حتى تحصل الفائدة. وأوضح ل «الحياة» أن هناك أسراً تجعل من الإجازة موسماً للنوم والخمول والسهر، متذرعة بعناء الدراسة، وهناك من يقضيها في السفر والسياحة الداخلية أو الخارجية والتنقل بين الدول، في مقابل أخرى تجعل منها مساحة لشحذ الهمم فتجدها تبحث عن البرامج المفيدة وتنظم جدولاً يومياً لأبنائها حتى يتم استغلال عطلاتهم بشكل مثالي يعود على الأبناء والأسرة بالفائدة. وأضاف: «عندما نذكر الإجازة من البدهي أن يرتبط هذا المصطلح بالشباب ووقت الفراغ وكيفية استغلال هذا الوقت الطويل».