«اعمل الخير وارمه في البحر»، مثل شعبي يعرفه كثيرون والمغزى منه «أن فعل الخير الذي يقدم خدمة للإنسانية لا بد أن يكون له مردود إيجابي على صاحبه وإن لم يسع إليه»، إذ إن فعل الخير لا يضيع أبداً، مهما طالت المدة أو قصرت، ولطالما صنفت الأعمال الإنسانية التي لا ينتظر أصحابها من ورائها مقابلاً برقيها وتميزها. يقول فولتير: «إن فعل الخير هو أفضل عبادة يمكن أن تقدمها لله». ومن منطلق أهداف إنسانية نبيلة، ورغبة في مد يد العون إلى المحتاجين والمعوزين، أطلقت الندوة العالمية للشباب الإسلامي، بعد منتصف شباط (فبراير) الماضي، قافلة طبية تطوعية تضم فريقاً طبياً ذا خبرة في طب وجراحة العيون، يتكون من ستة أطباء لجراحة العيون، في ولاية كاتسينا بنيجيريا، وتعد القافلة بارقة أمل لكثير من المرضى، وخصوصاً كبار السن، لتعيد إليهم البصر الذي فقدوه طوال أعوام عدة، وكانت منها حالات مستعصية. وشهدت القافلة، التي استمرت 10 أيام، إقبالاً كبيراً من مرضى العيون كباراً وصغاراً، ويؤكد مشرف القافلة استشاري جراحة العيون بمستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي الدكتور سمير المنصوري، أن القافلة تجري جراحات المياه البيضاء، التي تنتشر في هذه المناطق ويعاني منها كثير من الفقراء، الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الجراحات والعلاج، مبيناً أن شيوخاً وعجائز تعلقت آمالهم بقافلة الندوة ليُردَّ بهم نور أبصارهم إليهم. فيما أشار رئيس مستشفى العيون بولاية كاتسينا في نيجيريا الدكتور أحمد حمزة، إلى أن كل الجراحات التي أجرتها القافلة الطبية حققت نجاحاً بنسبة 100 في المئة، وقال: «كانت سعادة المرضى لا توصف حينما عادت لهم الرؤية من جديد، مبيناً أن الأطباء برعوا في إجراء ما يقرب من 500 جراحة لعلاج الماء الأبيض، الذي ينتشر في عدد من مناطق نيجيريا، مؤكداً أن المستشفى والعاملين فيها أفادوا كثيراً من خبرات الأطباء السعوديين المصاحبين للقافلة، التي لو تتكرر سنوياً فأنها ستتيح شفاء آلاف المرضى. ومن الحالات الإنسانية التي عالجها الفريق هارون إبراهيم (55) عاماً، تعرض لإصابة في عينه اليسرى خلال ال20 عاماً الماضية من شجرة في حقله الذي يعمل فيه، ولم يستطع علاجها لضيق الحال، ففقد الرؤية بها تماماً، غير أنه عاد يبصر بها مجدداً بعد أن أجرت له القافلة جراحة تكللت بالنجاح، كذلك ثاني شعيب (75) عاماً، دخلت شوكة في عينه اليمنى، وهو يعمل في الحقل، وضعفت منها الرؤية تماماً منذ سنوات، وحينما أجريت له الجراحة في قافلة الندوة العالمية صار يرى ولم يكن مصدقاً، ويصف أن ما حدث معه معجزة كبيرة. أما إصابة عبدالله عقيلو (80 عاماً) الذي يعمل حلاقاً، فكانت مياهاً بيضاء عانى منها 10 سنوات، حتى لم يعد يبصر النور على رغم لجوئه إلى العلاج التقليدي والشعبي، إذ لا يملك مالاً لإجراء الجراحة، لكن بعد أن وفق في العلاج المجاني لدى القافلة عاد إليه بصره، كما أجرت القافلة لثلاث فتيات أخوات (زهرية وفاطمة وحفصة)، مصابات بالمياه البيضاء خلقياً ووراثياً، إلى جانب ضعف شديد في النظر، لا تتجاوز أكبرهن 13 عاماً، وتمكنَّ من الرؤية المرة الأولى في حياتهن. أيضاً الشاب يحيى يوسف (20) عاماً، جاء من مدرسة المكفوفين حينما علم بالقافلة، وهو يعاني من انعدام الرؤية بعد ولادته بخمسة أشهر، ونجحت الجراحة التي أجريت له، وقال الأطباء إن رؤيته ستتحسن أكثر بعد فترة، ولم تقتصر جراحات الفريق على الكبار فقط، إنما تمكن من إزالة مياه بيضاء لطفلة لم تتجاوز عاماً، أصيبت بها خلقياً في كلتا عينيها، وتعتبر أصغر حالة إنسانية يباشرها الفريق في نيجيريا. إلى ذلك، ذكر الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي الدكتور صالح بن سليمان الوهيبي، أن القافلة يقوم عليها أطباء متطوعون لعلاج المرضى الفقراء من أمراض العيون والمياه البيضاء، والتخفيف من معاناتهم، مشيراً إلى أنها ستقام في مناطق أخرى، فيما لفتت الندوة عبر حسابها في «تويتر» إلى أن القافلة اختتمت نشاطها بإجراء 515 جراحة.