لا يجد أستاذ طب الأطفال المشارك استشاري العناية المركزة لحديثي الولادة المشرف على كرسي أبحاث حديثي الولادة بجامعة الملك سعود الدكتور خالد الفالح غضاضة في الاعتراف بأن السوق السعودية «سوق مغرية» لبيع المنتجات البديلة لحليب الأم (الحليب الاصطناعي)، معترفاً بأن الشركات التي تحلب أثداء الربح، تجد في هذه السوق مرعى خصيباً، ويفسِّر ذلك في حديث مع «الحياة» بقوله: «نسبة الرضاعة الطبيعية في بلادنا قليلة جداً، والحال الاقتصادية لدى غالبية الأسر السعودية جيدة، وهو ما يجعل هذا البديل الاصطناعي متاحاً وفي متناول اليد، ويساعد في انتشاره غياب القوانين الصارمة من هيئة الغذاء والدواء، التي يبدو أنها لا تولي حليب الأطفال الاصطناعي اهتماماً كافياً». كاشفاً أنهم قبل 6 أشهر تمكَّنوا من إحصاء أكثر من 25 نوعاً من حليب الأطفال الاصطناعي معروضة على أرفف الصيدليات في السعودية، وأن هذا الرقم تجاوز ال 30 نوعاً قبل أسابيع، وأضاف: «عدد سكان المملكة 28 مليون نسمة ما بين مواطن ومقيم، أي ما يعدل عُشْر سكان أميركا تقريباً، في المقابل لدينا أكثر من 30 نوعاً من الحليب الاصطناعي، أي أن لدينا أكثر من 30 شركة مصنِّعة لحليب الأطفال تندرج تحت كل شركة أصناف عدة، أما أميركا فلديها 4 شركات فقط مصنِّعة لحليب الأطفال الاصطناعي وهي شركات عملاقة ورائدة في هذا المجال». ويتابع: «أصبح قسم الحليب الاصطناعي أكبر قسم لدينا في الصيدليات!»، متسائلاً: «هل حقاً نحن بحاجة لكل هذا العدد وكل هذه الأنواع.. وهل نحتاج إلى كل هذه الحيرة في اختيار الحليب المناسب لأطفالنا؟!». واستغرب الفالح كيف تقوم هيئة الغداء والدواء بتقنين حليب الأطفال حديثي الولادة بقوانين الغذاء لديها وليس بقوانين الدواء، «قوانين الدواء لدى الهيئة صارمة جداً، فهي تتطلب زيارة دورية لمصنع الحليب وإجراءات طويلة لإجازة بيعه، وهو ما تترتب عليه اشتراطات كثيرة ودقيقة، أما الغذاء فمسألة السماح بدخوله إلى السوق السعودية بسيطة جداً وقوانينه أقل صرامة، حتى أن هذه السوق في استطاعتها قبول 100 نوع من الحليب وليس 30 فقط». ويربط استشاري العناية المركز لحديثي الولادة بين سهولة القوانين وإغراق السوق بعشرات الأنواع من «حليب الأطفال الاصطناعي»، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك بقوله: «نتيجة لعدم وجود قوانين صارمة وملزمة لعمليات دخول حليب الأطفال إلى السعودية تجرأ تجار وصنعوا حليب أطفال خاصاً بأسواقنا»، ويشرح الأمر: «السوق السعودية مربحة مع غياب القوانين الصارمة.. فكلفة إنتاج الحليب الاصطناعي قليلة، ويباع بأسعار مرتفعة جداً، وهذا دفع تجاراً إلى تصنيع حليب خاص بأسواقنا، ولو كان الطفل يرضع حليباً يباع في الصيدليات السعودية، فإن والديه لن يجدا الحليب نفسه حين يسافران خارج المملكة، وأنا هنا لا أتحدث عن الدول البعيدة أو التي تقع خارج القارة الآسيوية، وإنما أتحدث عن دول الجوار الخليجية».. لافتاً إلى أن «كثيراً من أنواع الحليب الاصطناعي المباعة في أسواقنا يُكتب عليها «صنع في فرنسا» أو غيرها من الدول، لكن هذه العبارة تكون متبوعة عادة بعبارة أخرى، هي: «لا يباع إلا في السعودية».