«عساكم مانسيتوني عساكم»، مطلع أحد أشهر الأغنيات لفنان العرب... محمد عبده، رددها طالب الابتعاث في جمهورية التشيك هاني العمري، وهو يجول ماشياً بين أزقة شارع الحب، أحد أشهر شوارع مكةالمكرمة، متذكراً أياماً مضت وليالي خلت، قضاها في كنف هذا الحي العتيق، مأسوراً بحبه، مولعاً بأزقته وظله، قبل أن تحمله الأقدار هو وأسرته إلى عالم جديد لا يمكن أن يعود إلى الوراء أبداً. ويكمل العمري ترنمه بأغنيته «عسى مامر هوى بعدي وخذاكم»، وكأنه يسترجع ذكرى جميلة عاشها بين جنبات هذا الشارع الذي يعج بفئات الباعة والمحال المخصصة لبيع كل ما يهم ذوات الجنس اللطيف، وقال «عشت هنا 20 عاماً من عمري، كانت من أجمل أيام حياتي التي لا يمكن لي أن أنساها قبل أن أنتقل أنا وأسرتي إلى حي آخر حديث هو حي « بطحاء قريش»، مؤكداً أنني وعلى رغم سفري للدراسة في الخارج إلا أن قدميّ تسوقاني طوعاً وفي كل مرة أجيء فيها لزيارة مكة إلى هذا الشارع لرؤيته والمكوث على ناصية شارعه البهيج. ويمتد شارع الحب في مكة، وهو شارع متفرع من حي «العتيبية» أحد الأحياء القريبة نوعاً ما من المسجد الحرام من جهة الشمال، في شكل طولي يصل إلى 500 متر تقريباً، وتبدو المحال والأسواق التجارية متراصة على جانبي الشارع وكأنها تمثل سوقاً واحدة تمتاز بضيقها الشديد، وأزقتها متعددة المداخل والمخارج. وأكد العمري أن شارع الحب في مكة لا يزال يتمتع بحضوره وسط كل الأسواق التي باتت تعج بها العاصمة المقدسة على رغم بدائيته وبساطة محاله ودكاكينه التي لاتقارن أبداً ببعض الأسواق الحديثة التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة. مشيراً إلى أن الحركة تشتد داخل السوق خلال فترة الإجازة الصيفية والمواسم الأخرى كالأعياد والمناسبات السعيدة. من جانبه، لفت أحد ساكني حي العتيبية بشير السندي إلى أن السبب في تسمية شارع الحب بهذا الاسم يعود أصلاً إلى كثرة مرتاديه من الفتيات والشبان، وهو ما يشكل لكثيرمنهم نقطة التقاء لاتتوافر في مكان غيره، نظراً إلى كثرة أزقته، وضيق الشوارع المتفرعة منه، إضافةً إلى أن غالبية سيدات مكة يأتين إليه لقضاء مستلزماتهن وما يحتجن إليه من هذه السوق. وعن عمر السوق أوضح أنها اشتهرت خلال ال30 عاماً الأخيرة، وبدأ صيتها في العلو، وباتت مشهورة حتى في غير مكة، وبدأ الشبان من المناطق البعيدة عن مكة، يتناقلون اسمها، ويفضلون زيارتها عن سواها من الأسواق عند أول زيارة لهم إلى مكة. ولفت إلى ضرورة أن يتم الالتفات إلى هذا الشارع الذي يعد شاهداً حياً على فترة جميلة مضت من عمر ساكني مكة، والمحافظة عليه من الاندثار والضياع كغيرها من الأسواق القديمة في مكة التي ذهبت في عصر التقنية والمولات الحديثة، مشيراً إلى أن السوق تحتاج إلى بعض التنظيمات حتى تظهر في صورة أجمل، وتصبح معلماً من المعالم التي ترمز لجمال مكة وتاريخها العريق.