تصاعدت المواجهة بين رئيس الوزراء العراقي وزعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، وبين زعيم «القائمة العراقية» إياد علاوي بشكل بات ينذر بأزمة سياسية كبيرة قد تؤدي الى فرط عقد الحكومة الحالية. ففي الوقت الذي اعلن «حزب الدعوة»، برئاسة المالكي، رفع دعوى قضائية ضد علاوي بسبب التهم التي وجهها الى قادة الحزب، رفعت «العراقية» بدورها دعوى مماثلة ضد المالكي «لاستغلاله موارد الدولة لصالحه»، وأكدت انها ستعلن موقفها الرسمي من العملية السياسية اليوم الاحد. وكان علاوي شن مساء اول من امس، هجوماً لاذعاً على المالكي، ووصف في كلمته «حزب الدعوة» ب «خفافيش الظلام»، الذي يضم حفنة من «الجلاوزة والطغاة» الذين عملوا على إعداد «تهم مفبركة مبنية على الكذب والنفاق والتضليل الذي اعتادوا عليه»، في إشارة الى رفع متظاهرين من أنصار المالكي الجمعة صوراً لعلاوي الى جانب متهم بتنفيذ مجزرة «عرس الدجيل» شمال بغداد. ووصف علاوي في كلمة متلفزة المالكي ب «الكاذب»، وقال إنه وصل الى السلطة بفضل دعم الاجنبي، وإن ايران هي من دعمته لتولي رئاسة الحكومة. وقال إن «خفافيش الظلام بقيادة وتوجيه قائد «حزب الدعوة» والحفنة من جلاوزته الطغاة، عملت على إعداد تهم مفبركة مبنية على الكذب والنفاق والتضليل الذي اعتادوا عليه عندما ألصقوا بنا التهمة الكاذبة في مجازر الزركة، وكذبوا وادعوا مرات ومرات بأننا نعمل على تدبير انقلاب عسكري، وكذبوا على شعبنا في مسألة المائة يوم». وأضاف ان «رأس الدعوة نسي انه منذ خمس سنوات يحكم ويريد محاسبة الآخرين عن مئة يوم، ونسي انه لا يملك برنامجاً للحكومة ولم يناقش مثل هذا البرنامج لا مع الوزراء ولا مع مجلس النواب ليكون حَكماً على أدائه وأداء وزرائه. ونسي انه كان ولا يزال وزيراً للدفاع ووزيراً للداخلية ووزيراً للامن الوطني ورئيساً للاستخبارات، ولم يفصح عن اجراءاته في هذه الوزارات والمؤسسات، و اعتمد على الاجنبي... دعمته ايران ليكون رئيساً للوزراء». وزاد: «بهذه المناسبة احمّل المجتمع الدولي مسؤولية حماية العراق من تدخل ايران وضمان التوازن للعملية السياسية التي فقدت توازنها، وعليهم تقع مسؤوولية كبرى عما يحصل في العراق اليوم». وأضاف علاوي: «أتعهد امام الله وامامكم بأننا لن نترك شباب العراق الثائر لوحده في مجابهة من يحاول خلق دكتاتورية جديدة في العراق، وسيجد في نصب الحرية وكل ساحات الحرية والتحرير في العراق دعمَنا الكامل وهم يمارسون حقهم الدستوري في تجسيد آمال الشعب ومطالبه. إنكم يا شباب وشابات العراق أملنا وأمل كل العراقيين، لننهي الفساد والظلم والطغيان ونبني مستقبلاً زاهراً للجميع. وأحذِّر البلطجية والشقاوات، ممن هم في اجهزة الحكم ومن هم خارجها، أن شعبنا لن ينسى مَن أذاقه المر وداس على كرامته، فالقضاء النزيه سيكون لهؤلاء بالمرصاد وسيكون شعبنا لهم بالمرصاد». وختم «رأسُ حزب الدعوة امام مرحلة تاريخية وحساب عسير... هو قبل وزرائه، هو وليس حزبه، هو وليس كتلته، هو من يحرك نفراً من وزرائه ونفراً من مجالس إسناده ونفراً من أزلامه ليهيِّئوا لهذا اليوم، من خلال البلطجية والازلام والشقاوات والمرتزقة». وأعلن حزب الدعوة الإسلامية بزعامة المالكي السبت، في بيان، ان «قيادة حزب الدعوة رفعت دعوى قضائية ضد علاوي، بسبب اتهامه قادة الحزب وأعضائه بتهم كاذبة». وأكد القيادي في «الدعوة» خالد الاسدي ل «الحياة»، ان «الدعوى القضائية تخص علاوي وحده وليس حزبه او القائمة العراقية، التي لا نزال نعتز بها شريكاً مهماً في الحكومة والعملية السياسية». وأشار الاسدي، وهو نائب عن «دولة القانون»، الى ان كتلته تعلم «ان خطاب علاوي لا يحظى بقبول اغلب اطراف «العراقية»، التي اعربت لنا مراراً عن امتعاضها لكثير من تصريحاته». لكن الاسدي رفض الكشف عن هذه الاطراف، وتوقع ان يكون خطاب علاوي «بدايةً لخروجه من القائمة العراقية وابتعاده عن العملية السياسية برمتها». وأضاف: «تصريحات علاوي مؤسفة وغير متوقعة، وتمثِّل خروجاً عن الاخلاق السياسية، ونحن بانتظار الموقف الرسمي والنهائي للقائمة العراقية منها، واذا كانت مؤيدة لها وتتبناها سيكون لكل حادث حديث». ونفى الاسدي وجود اي وساطات داخلية او خارجية لترطيب الاجواء بين الزعيمين «بعد ان قطع علاوي طريق الوساطات بيده». من جهة أخرى، قالت «القائمة العراقية» امس «إنها سترفع دعوى قضائية ضد الحزب الحاكم ورئيسه نتيجة استغلال موارد الدولة لصالحه ولبقاء وجوده، من خلال دعم البلطجية ومجالس الاسناد، وهذا الأمر غير مقبول، لان الموارد المالية هي ملك الشعب وليست للحكومة». وأوضح المتحدث باسم «القائمة العراقية» حيدر الملا في تصريحات متلفزة، أن خطاب علاوي يمثل موقف اطراف القائمة جميعاً، لا سيما «مجلس الحوار الوطني» الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، وأعلن ان هذه الاطراف ستُعلن موقفَها الرسمي من العملية السياسية في جلسة البرلمان المقررة اليوم، مشيراً في الوقت نفسه الى ان قادة «العراقية» سيطلبون من بقية الكتل توضيح موقفهم من مبادرة اربيل. وأضاف أن «الوضع في العراق لا يحتمل السكوت على الجرائم بحق العراقيين، فضلاً عن أن التحالف الوطني أخلَّ باتفاقية اربيل». وزاد: «رفع صورة زعيم القائمة العراقية إياد علاوي بجوار احد المتورطين بحوادث إرهابية، جاء بهدف التسقيط السياسي، واليوم تم إطلاق رصاصة الرحمة على أي مفهوم للشراكة الوطنية». وشهدت بغداد الجمعة الماضي تظاهرتين، الأولى نظتمها عشائر موالية للحكومة وطالبت بإعدام منفذي حادثة الدجيل، والثانية نظمتها منظمات مجتمع مدني وناشطون، طالبوا فيها بإسقاط الحكومة، ومنددين بأداء رئيس الوزراء.