لا أحد يجهل الجهود المتنامية التي تبذلها وزارة التربية والتعليم على جميع الأصعدة، والسعي الحثيث للسير قدماً خلف راية التحضر والتحديث المستمر، الذي يواكب شريعة بلادنا وقيمنا. وقد شرعت الوزارة أخيراً في نقل مهمة نقل الطالبات إلى مدارسهن إلى متعهدين وشركات بغية رفع كفاءة النقل ومعالجة بعض أوجه القصور، ولا شك أن هذه المبادرة تدخل ضمن الجهود الزائدة التي ينشدها الجميع. ولكن الخلل يكمن في نوع وموديل بعض الحافلات، إذ ان بعض المتعهدين لنقل الطالبات أحضروا حافلات قديمة من أوروبا الشرقية والغربية، ومن المحتمل أن عمرها الافتراضي انتهى وأحيلت إلى التقاعد، أو أنها من مخلفات الحرب العالمية الثانية. ربما كان هذا التصور مبالغاً فيه، ولكن من يشاهد تلك الحافلات أو يقيم أداءها لمهماتها، يجد أنها لا تصلح فعلاً للخدمة المعدة لها أو أنها قادرة على القيام بما يطمح به المسؤولون في الوزارة وأولياء أمور الطالبات. وحتى نقيم هذا الاتهام بأدلة جلية، علينا أن نشاهد بعض هذه الحافلات العاجزة عن عن أداء مهامها ونتعرف على موديلاتها، ثم علينا أن نحصي في شكل جدي وعملي وقفات هذه الحافلات على شوارع المدن والمحافظات بسبب عطلها وأمراضها المتكررة التي تدفع سائقيها إلى التبرع مشكورين بهواتفهم الجوالة من أجل تواصل الطالبات مع أولياء أمورهن للحضور إلى الموقع الذي أضربت فيه الحافلة عن أداء مهمتها، لكي يتم نقلهن إلى المدرسة أو إلى منازلهن. لا نستطيع أن نعد ونحصي إجازات الحافلات بسبب أعطالها المتكررة أو تغير السائقين، والمشكلة إذا بقيت الطالبات ينتظرن حضور الحافلات ثم أدركن بعد مضي وقت طويل بأنها لن تحضر بسبب قناعتهن بتكرار أعطالها وقررن الذهاب إلى المدرسة بواسطة من حولهن من أولياء أمورهن، فهل يجدن عذراً مقبولاً على تأخرهن عن المدرسة، أم يتحملن عطل مثل هذه الحافلات؟ لا آتي بهذه الكلام من بنات أفكاري، فقد تعطلت حافلة نقل بعض طالبات المرحلة الثانوية في إحدى المدارس، فطلب سائق الحافلة من الطالبات دفعها من الخلف أو إكمال المشوار مشياً على الأقدام، وقد استقر رأيهن على السير على الأقدام إلى منازلهن، حدث ذلك لأنه ليس في الإمكان إرسال حافلات لإنقاذ الحافلات المتعثرات. المؤلم أنه ربما يستمر عطل الحافلة أياماً عدة، ولا يتم توفير حافلة بديلة، ويبدو لي أن ضعف المتابعة لرصد مثل هذه الحوادث إلى جانب ضعف الجزاء وغياب الغرامات على العقود هو الذي شجع المتعهدين على عدم الاكتراث بهذه الوقائع. كما أنه من المحتمل أن العقود المبرمة مع المتعهدين لم تشمل تحديد موديلات حديثة ولا تحديد حسومات كبيرة في حالة تغيب الحافلة عن القيام بمهمتها الاعتيادية أو عند إسعاف الحافلة المتعثرة بحافلة أخرى على وجه السرعة. أرجو كما غيري من المواطنين رصد مثل هذه المواقف ومعالجتها على وجه السرعة، لأنها لا تتسق مع مكانة الوزارة ولا مع رسالتها في بناء الأجيال التي تقف على رأسها، وننتظر من المسؤولين في الوزارة مراعاة الجانب الإنساني وإلزام المتعهدين بتوفير حافلات حديثة تضمن سلامة الطالبات وتحول من دون قلق أولياء أمورهن.