اتُهم البليونير الروسي يفغيني بريغوجين، مع آخرين، بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016، وخاضت مؤسسته العسكرية الخاصة معارك في أوكرانيا وسورية. لكن بريغوجين الذي يُطلق عليه «طباخ بوتين»، يدير أصولاً أكثر قيمة بالنسبة إلى الكرملين: إمبراطورية إعلامية روسية مترامية الأطراف. يُعتقد بأن بريغوجين يسيطر على أكثر من 12 موقعاً إخبارياً في روسيا، تجذب عشرات الملايين من الزوّار، وتُعدّ سلاحاً دعائياً مهماً للرئيس فلاديمير بوتين الذي ترشح مجدداً لانتخابات الرئاسة المرتقبة في 18 آذار (مارس) المقبل. وأفاد تحقيق أعدّته مجلة «آر بي سي» الاقتصادية بصلات لوسائل إعلام روسية أخرى بأصول بريغوجين، بما في ذلك «وكالة بحوث الإنترنت» التي وجّه روبرت مولر، المحقق الخاص في ملف «تدخل» موسكو في انتخابات الرئاسة الأميركية، اتهامات إلى 12 من أعضائها وبريغوجين، بفتح حسابات وهمية على مواقع للتواصل الاجتماعي وشنّ حملة مركزة للتأثير في الناخبين الأميركيين و «زرع شقاق بينهم»، وتغليب الرئيس دونالد ترامب على منافسته في الاقتراع الديموقراطية هيلاري كلينتون. وكانت الوكالة تعمل مع و»كالة الأنباء الفيديرالية» ومنافذ إعلامية أخرى، يُزعم أنها تابعة لبريغوجين، لكنها جُزِئت بعد ذلك وانتقلت الوكالة إلى مبان شمال سان بطرسبرغ. وبعد 3 سنوات على إنشائها عام 2014، تمكنت «وكالة الأنباء الفيديرالية» و15 موقعاً إخبارياً آخر تابعة لبريغوجين، من استقطاب أكثر من 30 مليون زائر شهرياً، متجاوزة وكالات أنباء رسمية في روسيا. وتطرّقت هذه المؤسسات الى ملفات واسعة، من السياسة الخارجية إلى الاقتصاد والمشاهير، وكانت توجهاتها متطابقة مع توجهات بوتين. كما وجّهت انتقادات عنيفة للغرب، ونشرت مواضيع عن نشاط الرئيس الروسي، وأخرى تُبرز تحسناً للوضع المعيشي في عهده، إلى جانب مقالات تنتقد بشدة الولاياتالمتحدة وحلفاءها. وقال المحلل السياسي في موسكو ديمتري أوريشكين إن هذه المؤسسات «تسعى إلى السيطرة على فضاء الأخبار والمعلومات ووضع أجندة إعلامية»، مشيراً إلى أن العمل الإعلامي هو جزء من جهود بريغوجين للحفاظ على مصالح بوتين. وأشار أوريشكين إلى عقد وقعه بريغوجين مع وزارة الدفاع الروسية، يُقدر ب1.2 بليون دولار، لتأمين أغذية وخدمات للجيش، مكافأة لرجل الأعمال على تقديماته للكرملين. وأضاف أن «الصلات الوثيقة مع السلطة العليا تتيح (لمؤسسات بريغوجين) توقيع عقود مع الدولة». واكتسبت امبراطوريته الإعلامية شهرة، بفضل تقارير حصرية من الخطوط الأمامية في شرق أوكرانيا وسورية، حيث تنشط مجموعة «فاغنر» العسكرية المرتبطة ببريغوجين. وكان صحافيو الوكالة أول من أبلغ عن استعادة القوات السورية مدينة تدمر شرق سورية من تنظيم «داعش». ونشرت الوكالة تقريراً مطولاً عن الجيش الأميركي، يزعم بأن أفراده يعانون من إدمان على المخدرات والجريمة وتراجع في الروح المعنوية. كما رفضت روايات عن خسائر ضخمة في صفوف مجموعة «فاغنر» في سورية هذا الشهر، بوصفها دعاية غربية. وزعم تقرير أن الولاياتالمتحدة تطوّر أسلحة بيولوجية في مختبرات سرية في أوكرانيا وجورجيا. وتوظّف وسائل الإعلام التي يديرها بريغوجين مئات من الصحافيين، وتقدم لهم رواتب أعلى مقارنة مع وسائل الإعلام الأخرى في سانت بطرسبرغ، وتُقدّر الكلفة السنوية لتشغيل امبراطوريته الإعلامية بنحو 3.2-4.7 مليون دولار.