عادت إلى الواجهة، السجالات حول نشاط مجموعات مسلحة روسية في سورية، تعمل بالتوازي مع تحركات العسكريين الروس النظاميين. وأثار تقرير إعلامي غربي عن وقوع قتلى في صفوف العسكريين الروس في سورية تتكتم عنهم موسكو، ردود فعل روسية غاضبة. ونفت وزارة الدفاع الروسية صحة المعطيات واعتبرتها «تلفيقاً متعمداً». كما نفى الكرملين أي علاقة له بمقاتلين متطوعين روس في سورية، إن وجدوا، داعياً للاعتماد على معطيات وزارة الدفاع الروسية في مسألة الخسائر في صفوف القوات الروسية. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحافيين أمس: «تأتي المعطيات من وزارة الدفاع، ويجب الاعتماد عليها لأن هذه المعطيات تحديداً تعتبر رسمية». وأكد: «إذا كان هناك أي مواطنين روس كمتطوعين وغيرهم، فإن ذلك لا يمت بأي صلة مع الدولة ووزارة الدفاع». وكانت وكالة أنباء «رويترز» نقلت أمس، تفاصيل عن حصيلة القتلى الروس في سورية خلال 2017، وردت فيها أرقام تزيد كثيراً على أعداد القتلى الذين تعترف موسكو بسقوطهم. ووفق معطيات «رويترز» فقدت موسكو أكثر من أربعين قتيلاً خلال عام 2017 بينما تقر بوقوع عشرة قتلى فقط. ونفت وزارة الدفاع الروسية صحة التقرير واعتبرته «محاولة لتشويه سمعة العملية الروسية ضد إرهابيي داعش في سورية». واتهم الناطق باسم الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف «رويترز» بالسعي مجدداً إلى تضليل القراء. وأكد «عدم وجود أي قبور دفن فيها عسكريون روس في شكل سري»، مضيفاً أن محاولات وصف أشخاص لا علاقة لهم بالقوات المسلحة وبالأخص بالعملية في سورية، بأنهم عسكريون روس «عارية عن الصحة تماماً». وكان الكرملين شدد في وقت سابق على «عدم وجود أي علاقة لروسيا بمقاتلين متطوعين روس في سورية». ودعا إلى «الاعتماد فقط على معطيات وزارة الدفاع الروسية في مسألة الخسائر في صفوف القوات الروسية». وكانت السجالات حول نشاط فرق روسية تقاتل إلى جانب القوات النظامية السورية تكررت مرات عدة. ونشرت وسائل إعلام روسية تفاصيل مثيرة، قبل شهور عن صفقات يعقدها مقربون من الكرملين، للحصول على حصة كبرى من الثروات السورية، مقابل مساعدة النظام على بسط سيطرته على مناطق غنية بالنفط والغاز. ونشرت شبكة «فونتانكا» الإلكترونية الواسعة الانتشار في سان بطرسبورغ معطيات عن مذكرة تعاون وقعتها شركة «يوروبوليس» الروسية مع وزارة النفط والثروة المعدنية السورية مطلع العام. ونقلت عن مصدر في وزارة الطاقة الروسية إن الشركة تلتزم وفقاً لبنود الاتفاق ب «تحرير مناطق تضم آبار نفط ومنشآت وحمايتها»، في مقابل حصولها على ربع الإنتاج النفطي. واللافت أن الاتفاق الذي ينتظر أن يدخل حيز التنفيذ بعد «إدخال تعديل قانوني في سورية» ينص بوضوح على أن «تكاليف العمليات العسكرية اللازمة لا تندرج ضمن بنود الاتفاق» ما يعني أنها ستدفع على حدة. لكن المثير أن «يوروبوليس» التي تعود بمليكتها لرجل الأعمال المقرب من الكرملين يفغيني بريغوجين لم يكن مر على تأسيسها عندما وقعت المذكرة أكثر من نصف عام، فهي تأسست في حزيران (يونيو) الماضي وتم تسجيلها في إحدى ضواحي موسكو، ولم تسجل غرفة التجارة الروسية أي نشاط تجاري لها باستثناء المذكرة التي وقعها من الجانب السوري وزير النفط والثروة المعدنية علي غانم، بعد مفاوضات عقدت في موسكو مطلع العام. وبريغوجين صعد سلم أصحاب البلايين بسرعة الصاروخ، وبعدما كان «متعهداً» لتقديم الوجبات إلى حفلات الكرملين، باتت شركاته تحصد كل عقود وزارة الدفاع في قطاعات التغذية ومجالات الخدمات وفق تأكيد وكالة «إنترفاكس». لكن الرجل انتقل إلى قطاع أوسع بفعل الحرب في أوكرانيا ثم في سورية، وهو ليس وحيداً في هذا المجال، ففي مطلع العام أيضاً، وقعت شركة «سترويترانس غاز» المختصة في إنشاءات خطوط إمداد الغاز الطبيعي عقداً مجزياً مع الحكومة السورية تبدو شروطه مشابهة. إذ تأخذ على عاتقها بموجب العقد الذي يدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل، كما تشير صحيفة «ار بي كا» القريبة من أوساط الأعمال، «حماية المنشآت ونقل الغاز». وفتحت تلك التفاصيل مجدداً على ملف «جيش فاغنر» الذي كثر الحديث عنه منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا. والمقصو به التشكيلات العسكرية غير الرسمية التي نشطت بشكل مكثف في أوكرانيا وانتقلت إلى سورية عام 2015، وكانت لها إسهامات عدة في عمليات عسكرية بينها عملية استعادة تدمر في البادية السورية العام الماضي. ووفق «فانتانكا» تضم التشكيلات ضباط بارزين سابقين في القطاعات العسكرية والأمنية، تقاعدوا ليتحولوا إلى «البزنس» الذي يديره بعض حيتان المال. ووفق «فانتانكا» فإن رجال الأعمال يمولون نشاط هذا «الجيش» في مقابل الحصول على عقود مجزية. ونشرت وسائل إعلام روسية خلال العام الأخير عدداً من أسماء الضباط السابقين المنخرطين في هذا النشاط، كما تحدث بعضها أكثر من مرة عن سقوط قتلى في صفوف هذه التشكيلات، بينما تنفي موسكو رسمياً عادة صحة المعطيات، وتؤكد أن الجيش الروسي «لم يقم بتنفيذ عمليات في المناطق المذكورة» .