تفصلنا عن الانتخابات الاميركية، الرئاسةِ وكلِّ مجلس النواب وثلثِ مجلس الشيوخ، 17 شهراً، غير ان الانتخابات في اميركا صناعةٌ، وهي لا تتوقف يوماً. وبما أنها كلَّ سنتين (وفي الانتخابات النصفية كل مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ)، فإن يومَ التصويت لا ينتهي حتى يبدأ العمل ليوم التصويت التالي. الانتخابات الأميركية تجرى في أول ثلثاء من تشرين الثاني (نوفمبر)، وهي بالتالي في 6/11 من السنة المقبلة. وقد اشتدت المنافسة بين الجمهوريين الطامحين الى دخول البيت الابيض. وكنت كتبت الشهرَ الماضي أولَ مقال لي عن الانتخابات المقبلة، وأنهيته بهذه الكلمات «ولا بد لي من عودة الى الموضوع في المستقبل». وها أنا أعود بأسرع كثيراً مما قدَّرت، لما استُجِدّ من عوامل وحصل من تغييرات. كنت قلت إن ملاك الحظ عاد الى باراك أوباما، فقتْل أسامة بن لادن رفع شعبيته كثيراً في كل استطلاع للرأي العام، ووجود مؤشرات على تحسن الاقتصاد بعد أزمة 2008 يفيد الرئيس. الا اننا لم ندخل هذا الشهر حتى كان الناس بدأوا ينسون قتل زعيم القاعدة، وحتى توافرت أرقام تُظهر تراجعَ قدرة الاقتصاد على ايجاد وظائف جديدة بعد ان سجلت الاشهر القليلة السابقة زيادة ملحوظة في عدد الوظائف الجديدة. ربما يُصدم القارئ العربي وأنا أقول إن الناس، خصوصاً الاميركيين، يفكرون بجيوبهم، وإن «القضية» والثورات العربية والصين وغيرها، تظل مجتمِعةً أقلَّ أهمية من الوضع الاقتصادي الداخلي، وعندنا مثل يعرفه القارئ، فالرئيس جورج بوش الاب في ولايته الواحدة بعد 1988، قاد تحالفاً دولياً انتصر في تحرير الكويت، وسقطت الشيوعية في أيامه بعد حرب باردة استمرت 70 سنة، الا أن حاكم أركنسو بيل كلينتون، جاء من ثاني أفقر ولاية في البلاد، ليخوض حملة شعارها «ٳنه الاقتصاد يا غبي»، واختاره الاميركيون رئيساً، مع العلم ان الاقتصاد كان قد بدأ يتحسن في آخر سنة لبوش الأب، حتى أن كلينتون نفسه اعترف بذلك بعد فوزه. اليوم، لا أعرف كيف سيكون وضع الاقتصاد الاميركي بعد 17 شهراً، او مَن سيكون منافسَ اوباما من الجمهوريين، وليست عندي كرة بلّورية، ولا أريد ان أعتمد على الحدس، فقد رأينا كيف ان حدس جورج بوش الابن انتهى بخسارة اميركا كل حروبها وبإصابة اقتصادها في مقتل. ما أعرف هو ان أوباما سيفوز اذا كان وضع الاقتصاد جيداً، او اذا اختار الجمهوريون مرشحاً للرئاسة لا يصلح لها، وهناك كثيرون من هؤلاء في الساحة اليوم. منذ كتبت مقالي السابق عن الانتخابات المقبلة، أعلن ميتش دانيالز، حاكم إنديانا السوري الاصل، أنه قرر عدم خوض معركة الترشيح عن الجمهوريين، نزولاً عند رغبة زوجته وبناته الاربع، فهن يملكن فيتو، على حد قوله. ربما كان هذا صحيحاً، وربما كان السبب أنه وزوجته شيري طلقا، وهي تزوجت وطلقت وعادت اليه، وهو لا يريد ان يفتح هذا الملف من جديد، او ربما كان السبب أنه أصدر قوانين يمينية كثيراً، كان بينها قانون حرم نساء كثيرات من الرعاية الصحية، وأثار جزءاً مهماً من الناخبين عليه. ومن الأسماء المطروحة الأخرى هيلي باربور، حاكم ميسيسيبي، الذي رفض دخول حلبة المنافسة، وقال إنه لا يشعر «بنار في أحشائه» لطلب الرئاسة، كما انسحب مايك هاكابي، حاكم أركنسو السابق، مفضلاً ان يحافظ على برنامجه في شبكة فوكس. أسجل اليوم أسماء بعض المرشحين الذين أعلنوا خوض الحملة، وآخرين ممن طُرحت أسماؤهم، على ان اعود بقليل من التفاصيل غداً. المرشح الاكثر شعبية هو مِيتْ رومني، حاكم ماساتشوستس السابق، والحكام السابقون كثر في الميدان، فهناك جون هنتسمان، حاكم يوتا السابق، وهو أيضاً سفير سابق لدى الصين، وريك سانتوروم، حاكم بنسلفانيا السابق، وتيم باولنتي، حاكم مينيسوتا السابق، وسارة بيلين، حاكمة ألاسكا السابقة، والمرشحة مع جون ماكين، ونيوت غينغريتش، رئيس مجلس النواب الاسبق، والنائب رون بول، والنائبة ميشيل باكمان. وللحديث بقية. [email protected]