أعلنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أخيراً، اكتشاف مهم في موقع أم درج الأثري بمحافظة العلا في المدينةالمنورة. وقالت الهيئة، في تغريدة لها في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «العثور على أكثر من 3 آلاف قطعة أثرية في موقع أم درج الأثري بمحافظة العلا بالمدينةالمنورة، تعود إلى مملكة لحيان في القرن الثاني قبل الميلاد». ولحيان هي مملكة عربية قديمة، قامت في الحجر غرب السعودية، كانت تسمى في أولى مراحلها مملكة ديدان، ودامت مملكة لحيان في مرحلتها الأولى في الفترة من 2000 إلى 1700 قبل الميلاد، وفي مرحلتها الثانية بين 900 إلى 200 ق.م، ثم مرحلتها الثالثة بعد الاستقلال عن الأنباط في الفترة من 107 إلى 150 ميلادية. وفي عصر ما قبل الميلاد أقامت قبائل معينية ثمودية دولة وحضارة في ديدان والعلا والحجر شمال الحجاز، وكانت مملكتهم تسمى «دولة ديدان»، واتخذوا من منطقة العلا عاصمة لهم، وكانت لهم قوة ومنعة. وأسهمت حضارتهم بقدر وافر في حركة الفنون والكتابة والتجارة والمعمار، ولا تزال آثارها باقية هناك حتى اليوم. والموقع الذي وجدت فيه الآثار، وهو جبل أم الدرج، الذي يعتبر أحد جبال محافظة العلا، ويشتهر بكثرة المعثورات الأثرية فيه. ويوجد في الجبل درج منحوت يصعد حتى أعلاه، وعثر في الموقع على بقايا تماثيل لحيانية وبقايا آثار أخرى. فيما عُثر فوق قمة الجبل على بقايا معبد كبير، بني من الحجر الرملي الأحمر المثبتة بالبلاط الطيني، ومن المرجح أنه مكرس للمعبود الرئيس لمملكة لحيان «ذو غيبة». وتأتي هذه النتائج المبكرة والمبشرة من المكتشفات التاريخية، نتيجة أولية لتوجه اتخذته السعودية في سياق رؤيتها للمستقبل، بالالتفات إلى ما تستبطنه الأرض من تراث وحضارات بائدة لتقديمها إلى العالم في شكل متاحف ومزارات سياحية وتاريخية، تتصل بواقع ما تشهده البلاد من نهضة حقيقية متصلة بماضيها ومأخوذة إلى المستقبل المشرق، الذي ينتظرها ويعمل عليه أبناء هذه البلاد. وأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بإنشاء «هيئة العلا الملكية» لتعمل على تطوير المحافظة اقتصادياً، وجعلها معلماً سياحياً تأوي إليها القلوب الباحثة عن التاريخ والشاهدة على تميز عروس الجبال. وتسعى الهيئة، التي يترأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى تحقيق المصلحة الاقتصادية والثقافية المتوخاة، والأهداف التي قامت عليها «رؤية السعودية 2030.». وأطلقت الهيئة أخيراً أول مبادراتها، وهو برنامج الهيئة الملكية لمحافظة العلا للابتعاث، لتطوير الكفاءات والكوادر الوطنية لأبناء وبنات المحافظة، ومنحهم الفرصة لتطوير مهاراتهم الفنية والقيادية، للمشاركة في حركة التنمية المستقبلية للمحافظة، وذلك من خلال برنامج ابتعاث لدراسة التخصصات العلمية والتقنية واكتساب مهارات الابتكار والإبداع وريادة الأعمال، من أجل دعم التوجه الاستراتيجي للمحافظة. وتعيش الآثار في السعودية مرحلة ذهبية، بعد تغييبها لظروف ثقافية واجتماعية منعت المجتمع السعودي والعالم أجمع من تلمس ما تزخر به أرض السعودية من ذخائر التاريخ، إذ لا تتوقف اليوم المناسبات والمبادرات التي تقدم هذه الآثار للعالم وتتيحها للاطلاع والتعرف. ونظمت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية ملتقى آثار المملكة العربية السعودية الأول تحت مظلة «برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة». وعرضت في الملتقى تماثيل مملكة لحيان، التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وعثر عليها شمال السعودية. وتضمن الملتقى فعاليات عدة، منها معارض تحوي قطعاً أثرية وتماثيل نادرة تزيد على 450 قطعة، تمثل البعد الحضاري للمملكة وإرثها الثقافي. وأعاد 140 سعودياً قطعاً أثرية إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، فيما تعاون آخرون مع الهيئة لإعادة الآثار التي تحكي تاريخ السعودية.